حسم سباق الرئاسة نحو قصر الأليزيه بفوز هولاند وهزيمة قاسية لساركوزى بعد ماراثون انتخابى طويل جداً.. وكما تلعب السيدة الأولى فى عالمنا العربى دورا واضحا ومؤثرا - ظاهرا أو خفيا - فى حياة الرئيس، فإن نظيراتها فى دول العالم الاول تمارس دورا مؤثراً، وبطبيعة الحال فإن الإعلام لا يتوانى عن البحث والتنقيب عن حياتها وتاريخها أملا فى تقديم وجبة دسمة لعشاق النميمة. تزايد حظوظ هولاند فى الفوز بسباق الرئاسة، جعل محطة (فرانس 42) تفرد تقريرا مطولا عن فاليرى تريرفيلر شريكة حياة المرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند.
تنحدر فاليرى تريرفيلر البالغة من العمر 47 عاما من عائلة متواضعة - وهى «فخورة» بأصولها - وعلى خلاف كارلا برونى التى عرفت الشهرة كعارضة أزياء ومغنية ثم كسيدة فرنسا الأولى، فإن فاليرى تريرفيلر قد استطلعت عالم المشاهير والسياسيين والفنانين من زاوية أخرى بحكم عملها كصحفية ثم مشاركتها حياة المرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند منذ 2006.
ولدت فاليرى تريرفيلر من أم تعمل فى محطة تزلج فى مدينة (إنجييه) الفرنسية وقد توفى والدها وهى فى العشرين من عمرها، وهى مطلقة وأم لثلاثة أطفال، وقد عرفت نفسها لصحيفة ليبراسيون ك«متفرجة ناشطة» و«هولاندية منذ زمن طويل» - فى إشارة إلى صديقها فرانسوا هولاند - مؤكدة أنها لا تخضع إلى أى تأثير أو ضغط ، فى حين يرى بعض المتابعين لها، أن زياراتها إلى مقر حملة هولاند، وحضورها اجتماعاته الانتخابية أو مشاركتها فى بعض الأحداث التى هزت فرنسا فى الفترة الأخيرة -على غرار حضور مراسم دفن الجنود الذين قتلوا فى «مونتوبان» حيث المذبحة التى نفذها الفرنسى محمد مرباح، ذو الاصول الجزائرية - لا يخلو من رسائل سياسية.
وتعلق فاليرى تريرفيلر على تطور الأوضاع فى بلادها وفى حياتها عبر موقع التواصل الاجتماعى (تويتر) معبرة مثلا عن غضبها عند استخدام مجلة «بارى ماتش» الشهيرة فى مارس الماضى لصورتها التى تقدمت ملفا نشرته تحت بعنوان «الورقة الرابحة لفرانسوا هولاند، سرد ولادة قصة حب»، فكتبت فاليرى «يا للصدمة عندما أجد نفسى على الصفحة الأولى من الصحيفة التى أعمل فيها».
ولم تعد الصحفية الأنيقة التى تعمل فى «بارى ماتش» وكانت تقدم برنامجا على قناة «مباشر 8» تتناول المواضيع السياسية، وإن كانت تبدى آراءها لفرانسوا هولاند فى الشكل والجوهر فهى تؤكد أن لا دور ولا تأثير لها فى حملته الانتخابية وأن المرشح «يصغى إليها لكنه لا يعمل إلا ما يراه صائبا».
ورغم أن لفاليرى مكتب فى المقر العام لحملة هولاند فإنها نادرا ما تستعمله، ويقال إنها تقف وراء المظهر الجديد لهولاند الذى فقد عشرة كيلوجرامات من وزنه قبل بداية الحملة وبدا أكثر ثقة فى نفسه وتمكنا من الخطب التى يوجهها لناخبيه وهو ما انعكس إيجابا خلال المناظرة التليفزيونية التى جمعت الغريمين وكانت الكفة تميل لهولاند الذى ظهر أكثر ثباتا وثقة بالنفس .
وتؤكد فاليرى تريرفيلر أنها لن تتخلى عن عملها الصحفى فى حال فوز هولاند فى الانتخابات قائلة «أنا فى حاجة إلى كسب قوتى لأربى أطفالى الثلاثة، فأنا لست مختلفة عن باقى الفرنسيين وليس لفرانسوا ولا للدولة التكفل بمصاريف أولادى».
وتعتنى فاليرى تريرفيلر بفرانسوا هولاند فتقول إنها حريصة خلال الاجتماعات «على أن يكون معطفه قريبا منه»، وإنها تحاول أحيانا أن تسرق بعضا من وقته «للتجول فى الغابة معا».
وفى حديث لها مع مجلة «المرأة المعاصرة» قالت - فى سياق القصص الشخصية الصغيرة «إن «فرانسوا هولاند لا يحب إغلاق الأبواب فى البيت ولا حتى أبواب الخزانة»، وأضافت «فهمت من ذلك أنه لا يغلق الباب فى وجه أحد وأنه لا يملك شيئا يخفيه».
وأضافت تريرفيلر أنها لم تتحدث بعد مع أطفالها فى تواجدهم معها فى الإليزيه، ذلك أنها ترجح رفضهم الظهور معها فى المناسبات (الرئاسية)، وستثبت لنا الأيام قدرة فاليرى تريرفيلر فى المحافظة على صورتها كامرأة حرة وناشطة لدعم هولاند فى حال فوزه وإعادة تنسيق حياتها مع المحافظة على عملها التى ترجح أن توجهه أكثر نحو الأحداث الخارجية حتى لا تتهم بعدم الموضوعية.
كارلا برونى.. أكثر تمرسا
أما كارلا برونى قرينة الرئيس السابق ساركوزى فتبدو أكثر تمرسا بدور السيدة الأولى الذى تضطلع به منذ زواجها من نيكولا ساركوزى، خاصة أنها سبرت أغوار عالم المشاهير من خلال عملها السابق كعارضة أزياء ومغنية، فقد عملت برونى مع أكبر المصممين فكانت فى التسعينيات من أكثر عارضات الأزياء شهرة، ولم تعتزل مهنة الغناء رغم أن إنتاجها تراجع منذ زواجها من ساركوزى.
تزوجت كارلا برونى من نيكولا ساركوزى عام 2008 بعد علاقة عاطفية استمرت شهرين بعد طلاقه من سيسيليا - وكان آنذاك فى الإليزيه - وطغت قصة حبهما على كل وسائل الإعلام فى تلك الفترة وأثارت جدلا كبيرا وحتى استياء البعض الذين اعتبروا أن الحياة الشخصية للرئيس لا تهمهم وأن الأولوية يجب أن تكون لأسلوب إدارته البلاد.
إلا أن كارلا تحاول دائما عدم سرقة الأضواء من زوجها، فهى تقدم أو تؤخر صدور اسطواناتها حسب تقلبات المناخ السياسى، فقبل بضعة أشهر فضلت إرجاء صدور ألبومها الجديد حتى لا يتزامن ذلك مع بداية الحملة الانتخابية.
وساهمت زوجة ساركوزى مرارا فى تحسين شعبية زوجها المتراجعة بممارستها لدورها بتكتم ورزانة، حتى أن كارلا التقت (الدلاى لاما) الزعيم الروحى لإقليم التبت وطالبت بعدم تسليم مارينا بتريلا العضو السابق فى الألوية الحمراء إلى إيطاليا.
وقد مرت برونى فى عالم المشاهير بالعديد من العلاقات العاطفية مع النجوم على غرار مايك جاجير، إريك كلابتون وفينسان بيريز، وأنجبت عام 2001 ولدا من رافائيل انتوفان بعد أن عاشت علاقة مع والده الناشر جان بول انتوفان.
لكن العديد من المحللين يتفقون على أن بساطة كارلا التى توحى أحيانا بالسذاجة هى استراتيجية لخدمة صورة زوجها وتلطيفها، لكنها أيضا لم تسلم من التعليقات اللاذعة بسبب ما قالته فى برنامج «لى جنيول» - السياسى الهزلى - من عبارات «زوجى، رجلى» التى تنادى بها الرئيس، كما تسببت تصريحاتها ب «نحن ناس بسطاء» فى أحد برامج القناة الثانية الفرنسية فى إطلاق سيلا من التعليقات التهكمية، ولم يبخل رواد الإنترنت على وجه الخصوص بالتذكير باحتفال نيكولا ساركوزى بانتخابه عام 2007 فى مقهى «فوكيتس» الفاخر فى شارع «الشانزليزيه» فى باريس والذى اعتبره الكثير من الفرنسيين مكانا غير ملائم.
وفى مقابلة أجرتها أخيرا مع مجلة «نوفيل أوبزرفاتور» ردت كارلا - التى كثفت نشاطها فى وسائل الإعلام مع اقتراب الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات- على سؤال بشأن هذه الحادثة قائلة: «إن الناس يحبون زوجها وإن البساطة التى تحدثت عنها تعنى التواضع وإن النخبة الباريسية تكره ساركوزى».
وصارت كارلا فى الفترة الأخيرة تلبس ثيابا واسعة وتتفادى التبرج ربما للاقتراب أكثر من الفرنسيين البسطاء وإعطاء صورة لأم أكثر من صورة نجمة، بعد أن أنجبت ابنة من ساركوزى عام 2011.
وتعترف بأن «الشهرة لا تثقل كاهلها»، فتتلاعب بالصوت والصورة وتغير باستمرار ثوب السيدة الأولى التى تحيكه على نول الأحداث الاجتماعية والسياسية المتقلبة.
عمليا لا توجد قوانين تحدد مهام زوجات رؤساء الدول، إلا أن كلا منهن تخترع على طريقتها دورا يؤثر - شاءت أو أبت فى السياسة والمجتمع - وفى فرنسا اشتهرت دانييل ميتران زوجة الرئيس الراحل فرانسوا ميتران بصراحتها المقلقة - فى بعض الأحيان - ودفاعها عن عدة قضايا، بينما اشتهرت برناديت شيراك زوجة الرئيس الأسبق جاك شيراك بعملية «النقود الصفراء لمساعدة المحتاجين»، أما اليوم وعلى خلفية الانتخابات الرئاسية فتحتدم معركة النفوذ بين كارلا وفاليرى باعتبارهما امرأتان من نفس الجيل تحاولان تعزيز مواقع شريكيهما عبر المقابلات الصحفية وشبكات التواصل الاجتماعى إضافة إلى التجمعات الانتخابية، فلمن تكون الغلبة.. للصحفية الطموحة أم لعارضة الأزياء المشهورة؟! [-]