حسب المتوقع من الخريطة الزمنية الطبيعية ( إذا لم يجد جديد) فالرئيس المصرى المنتخب اقترب من الوصول لكرسى الرئاسة بعد أيام.. ومع ذلك لا هو ولا نحن (الشعب) يعرف كيف سيحكم ولاحتى أمام من سيؤدى القسم الجمهورى وماهى صلاحياته، بالإضافة إلى أن أزمة معايير تأسيسية الدستور تفرض على المجلس العسكرى أن يصدر تفسيراً للمادة 60التى تحدد ألية انتخاب الجمعية التأسيسية، فالدستور الجديد متعثر المخاض بسبب تأسيسية تائهة مابين الإخوان والقوى السياسية .. ودستور 71الساقط صعب إعادته للحياة مرة اخرى لنفاجأ بأننا نعود مرة أخرى للمربع صفر فى جدال وصراع بين السلطات لايعلم أحد متى وعلى ماذا سينتهى؟ وفور إعلان المجلس العسكرى عن اعتزامه إصدار إعلان دستورى مكمل باختصاصات رئيس الجمهورية إذا لم ينته الدستور قبل الانتخابات الرئاسية تأججت الساحة السياسية بحالة من ردود الأفعال المتضاربة ما بين مؤيد ومعارض.. فانطلق الإخوان المسلمون ليعبروا عن رفضهم لهذا الطرح، فى الوقت الذى أكد فيه الليبراليون على وجوبية تنفيذ ذلك الاقتراح بينما ذهب الفقهاء الدستوريون ليؤكد بعضهم أحقية المجلس العسكرى فى إصدار إعلان دستورى مكمل ورأى البعض الآخر عدم أحقيته فى ذلك. يقول ثروت الخرباوى المحامى بالنقض والقيادى السابق بجماعة الاخوان المسلمين والباحث فى الحركات الاسلامية :« من الناحية القانونية لا يجوز للمجلس العسكرى أن يصدر إعلانا دستوريا مكملا لأن الوضع القانونى فى مصر الآن يستند إلى قاعدتين القاعدة الأولى هى وجود برلمان له حق التشريع و القاعدة الثانية هى الالتزام بعمل هيئة تأسيسية لوضع الدستور.. كل ما يستطيع المجلس العسكرى فعله الآن هو أن يصدر قرارا يحدد فيه الشروط التى يجب أن تتوافر فى أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور ووفقا لهذه الشروط يتم تشكيلها وعمل دستور جديد إلا أننا سنقابل بمشكلة الوقت ورئيس الجمهورية القادم يجب أن يتسلم وفقا لمبادئ دستورية واضحة تحدد مهامه و سلطاته وبالتالى الحل الآن هو أن يتم تشكيل لجنة لوضع دستور مؤقت يتضمن فقط صلاحيات الرئيس القادم ويتم الاستفتاء على هذا الدستور المؤقت حتى يكون هناك مشروع دستورى و لو بصفة التأقيت يحدد صلاحيات الرئيس القادم فالمجلس العسكرى هو السلطة التنفيذية التى تدير البلاد ونحن فى فترة استثنائية ولأن لدينا برلمانا فيجب أن يكون هناك توازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية و التوازن يعنى أن يلجأ المجلس العسكرى لتشكيل لجنة من خارجه لتضع الدستور المؤقت على أن يتم الاستفتاء عليه و تكون هنا الارادة للشعب أما الانفراد بوضع إعلان دستورى مكمل هذا لا يجوز وفقا للمبادئ الدستورية.. أما الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الاخوان المسلمين فيقول: «هذا الطرح نفسه غير مقبول أو مرفوض بالتأكيد خصوصا أنه سبق وأن أظهر ذلك فى «وثيقة السلمى» فى المادتين 9 و01 والتى قال السلمى نفسه بعد أن خرج من الوزارة أن المجلس العسكرى نفسه هو الذى كان وراءها إضافة إلى أن المجلس العسكرى نفسه يريد أن يبقى نظام الحكم فى مصر نظاما رئاسيا، فهذا حق مطلق للشعب يختار النظام الذى يريده. وبالتالى نرفض هذا الإعلان الدستورى المكمل رفضا تاما .
∎الاعلان الدستورى أمر واجب
أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فيقول : « هذا أمر واجب لأن جماعة الإخوان المسلمين قد فرضت على المصريين جميعا ألا يجرى إعداد الدستور قبل انتخابات رئيس الجمهورية فظلوا يماطلون ويماطلون ويماطلون لأنهم يأملون أن يأتى رئيس للجمهورية من طرفهم فيعدون دستورا على مقاسهم وعطلوا جلسات مجلس الشعب حتى يوم الأحد الماضى 6 مايو و لم يتم تشكيل اللجنة التى ستعد الدستور بعد وبالتالى إذاتم تشكيلها سيتم فى خلال إسبوع إذن فوصلنا إلى منتصف شهر مايو و يتبقى لنا سبعة أو ثمانية أيام على موعد انتخابات رئيس الجمهورية وهذا أمر غير ممكن و بذلك قد فرض الاخوان المسلمون على المجتمع و على مصر أن تتم انتخابات رئيس الجمهورية دون إصدار الدستور وبالتالى سيكون من الواجب أن يحدد المجلس العسكرى أمام من سيقسم الرئيس الجديد ثانيا أن يحدد ما هى السلطات التى يناط بالرئيس الجديد القيام بها لأن هذا الأمر غير واضح إلا فى دستور 17 وهو الدستور الذى يعطى- كما نعلم- كل السلطات لرئيس الجمهورية .. فالإخوان بسبب سعارهم على الاستيلاء على كل مفاصل السلطة (شعب و شورى ورئيس للجمهورية) وصراعهم من أجل رئاسة الوزراء هم يريدون أن يستولوا على مصر و من ثم يصنعون دستورا على مقاسهم و أن ينصوا فى الدستور و هذا هو الأهم بالنسبة لهم على تحصين مجلسى الشعب و الشورى من أى حل بقرار من الدستورية العليا اذا رأت أن القانون الذى انتخب بموجبه مجلسى الشعب و الشورى هو قانون غير دستورى يستوجب الأمر الحل والمثير للدهشة أن رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتنى قال ببساطة إن تقرير المفوضين الذى سيقدم للمحكمة الدستورية العليا - وهو يرى ضرورة الحكم بعدم دستورية القانون الذى أجريت عليه الانتخابات- قال سنعرض على مجلس الشعب ليرى قراره فهو لا يعرف ما يسمى بالفصل بين السلطات و لا يعرف أنه لا يجوز تحدى أحكام المحكمة الدستورية ولا حتى التوقف أمام عدم الأخذ بها نافيا أن مبارك بجبروته و ظلمه وطغيانه و كل الصفات التى يوصف بها خضع لحكم الدستورية العليا مرتين فى عامين متتاليين و حل مجلسى الشعب و الشورى بسبب قرار المحكمة الدستورية العليا ببطلان قانون الانتخابات..
∎ حلول منقوصة
يقول دكتور عبدالجليل مصطفى رئيس الجمعية الوطنية للتغيير إن المتبقى من المرحلة الانتقالية لا يتجاوز الشهر حتى نصل إلى انتخاب الرئيس ومن ناحية أخرى أن اللجنة التأسيسية المنوط بها وضع الدستور لم يتم تشكيلها بعد فضلا عن المدة التى ستحتاجها اللجنة لوضع دستور يستفتى عليه ومن الواضح أن خلال هذه المدة لا يعد بإمكاننا وضع دستور يوافق عليه الشعب قبل انتخابات الرئيس وإلا سيكون لدينا مشكلتان: الأولى مشكلة أن يتم إعداد الدستور بشكل متعجل أو أن نؤجل الانتخابات الرئاسية وهذان أمران غير مناسبين.. مع الأسف نتيجة الأخطاء الكثيرة والطريق الملىء بالعقبات والانقسام الذى مشينا فيه منذ بداية المرحلة الانتقالية فنحن الآن فى وضع صعب فيه قدر كبير من الانشقاق والخلاف ولا يستطيع أحد أن يتفق فيه على حل منطقى يحسم الأمور بشكل جذرى فلم يعد أمامنا سوى الحلول المنقوصة أو الحلول المعيبة.. فنحن تخطينا 09 ٪ من المرحلة الانتقالية فلم يعد من المتيسر أبدا فى ضوء الانقسام القائم وسوء الظن وانعدام الثقة أن نطرح أى حل كامل يخرجنا من الأزمة الطاحنة التى نحن بصددها.. الآن يجب التوافق بسرعة على اللجنة التأسيسية وكتابة الدستور فى أقرب وقت ممكن ولكن لا أعتقد أن ذلك سيتم قبل موعد الانتخابات الرئاسية فلنترك الانتخابات الرئاسية تسير فى مسارها . يقول دكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى: إن الإعلان الدستورى به بعض النواقص التى تتطلع إلى تكملة وهناك بعض النصوص غامضة تحتاج إلى حسم مثل المادة 06 الخاصة بتشكيل الجمعية التأسيسية وبالتالى تدارك الأمر فى الفترة الانتقالية يتطلب جمع المواد التى أثارت الخلاف وتكملة المواد الغامضة وإصدار مواد جديدة مثل اختصاصات الرئيس وبالتالى جائز جدا من الوجهة الدستورية إصدار إعلان تكميلى ليفسر ما غمض ويكمل ما نقص ولا مشكلة فى ذلك لأن نفس الأداة ونفس السلطة ونفس الوسيلة التى أصدرت الإعلان فى 03 مارس الصادر فى 36 مادة بعيدا عما تم الاستفتاء عليه ب 9 مواد كانت بداية الأرقام فى دستور 17 ولذلك فإنه لامانع دستوريا من أن يصدر مثل هذا الإعلان التكميلى لسد هذه الثغرات ولينهى الجدل ويجعل الأمور تستقر فى هذه الفترة الانتقالية.
∎الدستور محتاج سنة !
يقول إبراهيم درويش الفقيه الدستورى: إنه لا يمكن وضع دستور الآن لمصر فى هذه الفترة و من ثم اللجوء إلى الإعلان الدستورى القائم وتعديله فيما يتفق بتوزيع السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لأننا الآن على أبواب انتخاب رئيس الجمهورية فى غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع فإذن وضع دستور فى المدة الزمنية القائمة غير مناسب بالمرة فالدستور يحتاج إلى عام على الأقل ولا يجوز اللجوء إلى دستور 17 كما يطالب البعض لأنه سقط.. ولكن المجلس العسكرى يملك تعديل الإعلان الدستورى القائم بما يتناسب مع الوضع الجديد فى توزيع السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء حتى يكون للأخير سلطة فعلية يمارس بها أعمال وظيفته.. أما بالنسبة للآراء القائلة بأن من حق مجلس الشعب أن يقترح اختصاصات رئيس الجمهورية يضيف درويش: هذا الأمر ليس من حق مجلس الشعب فحتى 03 يونيو المجلس العسكرى يملك إصدار تعديل دستورى وإعلان دستورى جديد. د. رفعت السعيد