أيام قليلة وتبدأ الدعاية الانتخابية بشكل رسمى لمنصب رئيس الجمهورية «03 أبريل - 12 مايو» ومن المتوقع بالطبع أن تفتح أساليب الدعاية أبواب الأحلام على مصراعيها لجموع الناخبين من الشعب الذى عانى طويلا ولا يزال للوصول إلى الحد الأدنى من الحياة الآدمية والتى تضمن لهم رعاية صحية وتعليمية واجتماعية مقبولة. والحرمان بيئة خصبة للغاية تسمح للخيال أن ينطلق بلا حدود وأن يتوارى العقل والمنطق بعيدا بعيدا ليفسح للوهم سبيلا إلى نفوس عطشى لقطرات ماء تبل الريق ولقيمات تسد الرمق وحقوق بسيطة تأجلت إلى ما لا نهاية حتى بات مجرد التفكير فيها ترف لا يملكه كثيرون.. وتلك هى الخطيئة الكبرى للنظام السابق الذى تعمد حرماننا من أبسط الحقوق الآدمية لنظل نلهث وراء النذر اليسير منها ، بل والفتات ونحن نرى فيه قمة الفوز العظيم لذا فلقد أدمنا لسنوات طويلة الأحلام، وأصبح كثير منا يحلم بمجرد سرير فى مستشفى حكومى يخرج منه معافى من المرض الذى دخل به ويحلم وليس بمرض جديد يضاف للمرض السابق ويحلم بعلبة دواء فيها الشفاء وليس بها سم قاتل. وكثيرون يحلمون لأولادهم بمجرد مكان فى مدرسة ليفك الخط ، فإذا بالمدرسة تتحول لمفرخة لعقول خاوية وقدرات مكبلة لتتحول شهادة التخرج إلى تجسيد حى للإحباط والفشل الذريع ، ودليل على إهدار العمر والطاقة فيما لا يفيد.
كان حلم كثيرين لقمة عيش تحفظ الكرامة ولا تهين صاحبها ولا تذله ولا تفرض عليه إما القبول بالقرش الحرام والدوران قسرا فى ترس الفساد وإلا فمصيره وأولاده الوقوع فى براثن الجوع الكافر.
لقد حلم كثيرون بكوب ماء نقى لا يسبب الفشل الكلوى ومكان فى وسيلة نقل جماعى آدمية وأربعة جدران تمنح الستر وبقدر ما هى أحلام متواضعة فهى فى الواقع لا تمثل سوى حقوق مهدرة طال الشوق لممارستها.
لذا فإننى أرجو السادة مرشحى الرئاسة أن يحذروا من الإسهاب فى الوعود وألا يدغدغوا مشاعر الملايين من البسطاء ويصوروا أنفسهم كمن يملك مفاتيح مغارة «على بابا».. أو يعرف كلمة السر التى تجعل الأحلام البسيطة ممكنة فى طرفة عين.
فهؤلاء البسطاء الذين يحلمون برغيف عيش وقطرة ماء ويعيشون سنوات طويلة فى بئر من الحرمان لو طال الإحباط فسينقلب السحر على الساحر وسيفتكون بكل من تلاعب بهم وأطلق مارد الأحلام من قمقم الحرمان الذى عاشوا فيه طويلا.
لذا فعلى كل مرشح الا يسرف فى إغراق الناخبين فى بحور الأحلام مقابل أصواتهم.. لأن الصوت إذا كان اليوم غال فإن ثمنه سيصبح أكبر وأخطر فيما بعد.
فهذا الشعب قد تخدعه بعض الوقت ولكنك بالتأكيد لن تخدعه طوال الوقت ومهما كانت معاناته.. فإنه يملك الآن إرادته.. بعد أن استرد عقله ووعيه عافيتهما ورفع شعار «خلى العقل صاحى» دائما.