يرسم مُدَرِّس الرياضة البدنية حرفاً خارج الإتقان، يتثاءب، فيكتمل الحرف كلمةً، يتدافع الملل مثل خيول مُطْهمة، فتصير الكلمة جملةً. يفكِّر مُدَرِّس الرياضة البدنية أن لا علاقة له بالكتابة، يفسِّر، يبدو أنني كنتُ في شيء، وبطريق الخطأ اختلط علي شيء آخر. الجملة أصبحتْ فقرة عن حلم لمُدَرِّس الرياضة البدنية. كان معلقاً في صباح يوم، بخُطَّاف أمام محل للجزارة، وكانت مسطرة الميزان القبَّاني تنفذ من منتصف صدره، مُدرَّجة بشروط غائرة دقيقة، وتتحرَّكُ عليها رُمَّانة الميزان النحاسية، فتعتدل المسطرة، وتستقيم في الهواء، فيشعر مُدَرِّس الرياضة البدنية بحزم شَدَّة الميزان. يقرأ الجزار المسطرة المُدرَّجة. في غرفة المُدَرسين ينظر مُدَرِّس الرياضة البدنية إلي وجه مُدَرِّس الرياضيات ويقول في نفسه: هو يعرف علي الأقل أن الدائرة والمثلث ليس لهما وجود فعلي في الواقع. انتقل مُدَرِّس الرياضة البدنية بنظرته إلي معجزة غرفة المُدرسين، السيد هنري ميشو بعد قيامته، في ثوب مُدَرِّس اللغة العربية الجديد. كان السيد هنري ميشو يدوِّن في كشكوله قاعدة الفعل المجهول، وهو اصطلاحاً أحد أقسام الفعل التام، وهو ما لم يسند إلي فاعله، بل إلي ما ناب عن الفاعل بعد حذفه، وله تسميات أخري مثل، ما لم يسم فاعله، المجهول، الفعل المجهول فاعله، صيغة المفعول، فعل لم يسم فاعله، المفعول الذي لم يسم فاعله، المبني للمفعول، المبني للمجهول، الفعل الذي لم يسم فاعله. يربي السيد هنري ميشو في غرفة المُدرسين حصاناً صغيراً. وكان سؤال أستاذ الفيزياء المُتحفظ، إذا ما كان حصان السيد هنري ميشو الصغير سيكبر في يوم علي غرفة المُدرسين أم لا؟ أكَّد السيد هنري ميشو بنظرة هادئة أن حصانه معه منذ قيامته الثانية، وهو لا يتجاوز طوله ثلاثة وخمسين سنتمتراً، لكنه يستهلك غذاء حصان مكتمل. سأل مُدَرِّس الرياضة البدنية إذا كان هناك أي أمل في المستقبل البعيد لتفسير عدم اكتمال قامة حصان السيد هنري ميشو بنظرية الثقوب السوداء. في طريق عودة السيد هنري ميشو إلي البيت، توقَّف عند الجزار، وطلب منه ماسورتين. فرد الجزار جسم مُدَرِّس الرياضة البدنية علي رخامة المحل الطويلة، وفصل ساقي مُدَرِّس الرياضة البدنية من عند الركبتين بساطور ثقيل، وهو يعد السيد هنري ميشو بشوربة كوارع جيدة. ولحين فصل القدمين عن الماسورتين، اقترب السيد هنري ميشو من رأس مُدَرِّس الرياضة البدنية المائل قليلاً علي رخامة المحل، وقال له: تخيل معي نجماً كتلته هي عشرة أمثال كتلة الشمس، هذا النجم خلال معظم حياته التي تقرب من بليون سنة، سيولد حرارة عند مركزه، بأن يحول الأكسجين إلي هليوم، والطاقة التي تنطلق، ستخلق ضغطاً كافياً لبقاء النجم ضد تأثير جاذبيته هو نفسه، بما يؤدي إلي وجود جرم يبلغ نصف قطره من خمسة أمثال نصف قطر الشمس، وسرع الإفلات من سطح نجم كهذا ستكون حوالي ألف كيلو متر في الثانية. لف الجزار ماسورتي الكوارع، فقطع السيد هنري ميشو قوله مع رأس مُدَرِّس الرياضة البدنية، وأخذ لفة المواسير من يد الجزار، ودفع حسابه، واتجه إلي بيته. توقَّع رأس مُدَرِّس الرياضة البدنية أن ينخفض نصف قطر النجم إلي ما يعادل نصف قطر رأسه هو نفسه، وبهذا افترض أن حصان السيد هنري ميشو الصغير لو اقترب من سطح النجم، لانجذب بقوة لا نهائية إلي عمق هاوية لا يعرفها أحد.