عدد من القضايا الساخنة ميزت موسم 2010 الثقافي، والتي ستلقي بظلالها علي موسم 2011، ربما ظلال سلبية أو إيجابية، إنما سيكون لها حضورها في الموسم التالي، من أبرز هذه القضايا. قرارات اتحاد الناشرين المصريين القضاء علي القرصنة الفكرية واستصدار فتوي شرعية بتحريمها، وإلزام الناشرين بالانضمام للاتحاد، بالإضافة لعدد من القرارات والتصريحات التي أدلي بها محمد رشاد بعد توليه رئاسة اتحاد الناشرين المصريين، اتسمت بالجرأة أحيانا وبالشكل الدعائي أحيانا، لكن أهم هذه القرارات التي تم تنفيذها فعليا هي إلزام دور النشر التي كثر عددها في السنوات الأخيرة بالانضمام للاتحاد، موضحا أهمية ذلك لكل من الناشر والكاتب أيضا، من حيث حمايتهما قانونيا وحفظ حقوق كل منهما أمام الآخر، كما أن الاتحاد يقوم بعمل الدراسات والأبحاث لطرح مشاكل الناشرين والعمل علي حلها والارتقاء بمهنة النشر بالتعاون مع الأطراف المعنية، كذلك حفظ حق الناشر في المعارض والسوق العربية، إضافة إلي تخفيض 1500 جنيه مصري من قيمة رسوم العضوية، كما أنه استطاع الحصول علي الموافقة بإدراج مهنة ناشر في قانون الأحوال مما يعزز هذه المهنة. وبجوار هذه المميزات التي قدمها رشاد للناشرين، استعمل سياسة الثواب والعقاب، من خلال عدد من العقوبات التي هدد بها الناشرون غير المنضمين للاتحاد، حيث أعلن تطبيقه للقانون في منع أي دار غير مسجلة بالاتحاد من مزاولة المهنة وتعريض مالكها للحبس والغرامة ومصادرة المطبوعات، بالإضافة لإعلانه منع غير الأعضاء من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2011، وقد عاد ذلك بالنفع علي الاتحاد لإقبال الناشرين علي العضوية، لكن هذا لم يستمر طويلا بسبب رد حلمي النمنم نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب الحاسم بوقف طلب رشاد رسميا، والذي اعتبره "اقتراحا" بعدم قبول غير الأعضاء بالمعرض، معلنا أن معرض القاهرة الدولي للكتاب مفتوحا للجميع طالما أن للدار سجلا تجاريا وبطاقة ضريبية وليست ماثلة أمام القضاء أو عليها أحكام قضائية. وأمام هذه المواقف التي خلطت بين ما يفترض أن يكون "قانونا" وليس "اقتراحا" لا يجوز سوي تطبيقه، لا تفيد المشهد الثقافي سوي أن تكون هناك أحزاب وحسابات بعيدة عن مصلحة الثقافة. "المجلس" ومهاجمة وزارة الثقافة في حلقة مثيرة قدمها الشيخ خالد الجندي في برنامجه "المجلس" علي قناة "أزهري" استنكر فيها موقف المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة، بسبب ما وصفه بتبديد أموال الفقراء بترجمته منذ سبع سنوات مضت لكتابي "الطب عند الفراعنة"، الذي يقول علي لسان المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن الأهرامات بنيت من أموال الدعارة، التي كانت تمارسها بنت الملك خوفو، وكتاب "رحلة لاستكشاف إفريقيا" الذي يصف العربيات بالمنحلات، المدهش في أمر هذه الحلقة أن المتحدث كان فقط دكتور حجاجي إبراهيم رئيس قسم الآثار بجامعة طنطا، متجاهلا الجندي استضافة المتخصص في التاريخ والمتخصص في الشئون الإفريقية أو علي الأقل المترجم أيضا، دون أن يضع في اعتباره أن الدكتور حجاجي ليس الشخص المناسب لمناقشة تاريخ مصر القديم أو تاريخ إفريقيا. افتعلت هذه الحلقة جدالا في الوسط الثقافي، خاصة لدي الدكتور عماد أبوغازي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة وحلمي النمنم نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب، اللذين رفضا تعرض الجندي للأمور الثقافية، علي اعتبار أنه لا يملك ما يكفيه من أدوات ثقافية حقيقية تؤهله للنقد، فما هي أسانيده ليحكم بالقيمة العلمية من عدمها علي الكتب المترجمة؟ وتناسوا الرد علي مفجر الموضوع الرئيسي حجاجي إبراهيم الذي أثار كل هذا الغبار، وما لفت النظر أيضا غياب الدكتور جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة وتجاهله لهذا الموضوع. لعنة التكريم الفرنسي (عصفور - الأسواني) يبدو أن تكريم الأديب علاء الأسواني في احتفالية مرور ثلاثين عاما علي معرض الكتاب بباريس مارس الماضي، كان كاللعنة التي أصابت المشهد الثقافي المصري، فقد سجل الأسواني ملاحظاته علي المعرض واستقبال الضيوف وجمهور المعرض، والحفاوة التي قوبل بها من قبل فريدريك ميتران وزير الثقافة الفرنسي، رغم هجومه علي ساركوزي. وهو ما رد عليه الدكتور جابر عصفور في مقالة بعنوان: "افتراء كاتب مصري بمناسبة تكريم فرنسي" واصفا ما قاله الأسواني بأنه تجن وتطاول منه علي الوضع الثقافي المصري، ووصف الأسواني بأنه تحول إلي "ناشط سياسي"، ملمحا بين سطور مقاله إلي نوايا الأسواني السيئة -من وجهة نظره- و"تدليسه الواضح" للموقف الثقافي من مثقفي مصر. وتتابعت الردود بين الطرفين، فوصف الأسواني عصفور في أحد حواراته بأنه: "بدأ كناقد وانتهي كحامل أختام لوزير الثقافة" بداية من عنوان الحوار لانتقاده تقبل عصفور لجائزة القذافي العالمية للآداب في نفس يوم نشر الحوار تقريبا، وأشار إلي أنه كان يجب عليه رفضها تيمنا بموقف الروائي الإسباني "خوان جوتسيلو" الذي اعتذر مضيفا أنه رافض تماما لمبدأ "المنّ" الواضح بمقال عصفور، وما احتواه من غمز ولمز. لم يقتصر الخلاف علي الطرفين فحسب، وإنما امتد إلي أن أصبح هناك تابعون لكل طرف، علي طريقة "ألتراس" كرة القدم. إذا كنت من محبي قصيدة النثر فلدينا ملتقي بالصحفيين وآخر باتحاد الكتاب، فإلي من ستذهب هذا المساء؟! فيما يعد مهزلة ثقافية انقسم شعراء قصيدة النثر علي أنفسهم ليقيموا ملتقيين في نفس التوقيت مارس 2010 لقصيدة النثر، الأول قدم أنشطته بنقابة الصحفيين حاملا عنوان: " قصيدة النثر والتعددية الثقافية "، أما الثاني فجاء في اتحاد الكتاب تحت عنوان: " احتفاء بالشعر العربي الجديد "، مما أضعف موقف قصيدة النثر التي لازالت تبحث لنفسها عن مكان، وأساء للمشهد الثقافي بأكمله من حيث عدم التنسيق فيما بين الفعاليات، ليتحول الأمر إلي مباراة، انشغلت الصحافة والإعلام فيها بمن سيثبت تواجده ويستطيع جذب أكبر قدر ممكن من الحاضرين، مأخوذين بحالة التنافس بعيدا عن مناقشة ما قدمه كلا الملتقيين لقصيدة النثر هذه الطفلة الضالة لطريقها وسط أحراش الشعر، وما الإضافة للمشهد الثقافي من الفعاليتين، وسبب الانقسام الأساسي انفصال الشعراء فارس خضر، لينا الطيبي، فتحي عبد الله، علي منصور، عن مجموعة الشعراء أحمد الشهاوي، وصبحي موسي، عزمي عبد الوهاب، وآخرين، وحدث بينهم انقسام ثالث عندما وقع خلاف بين الشاعر فتحي عبد الله وفارس خضر والطيبي، وهو أحد أسباب الخلافات والاتهامات المتبادلة بين المؤتمرين. الجزائر ودفع العلاقات الثقافية ثمن أخطاء كرة القدم معرض الكتاب بالجزائر يرفض استقبال الكتب المصرية رغم دعوتنا الدائمة للجزائر للاشتراك في فعالياتنا الثقافية والفنية، آخرها كان في الدورة الخامسة من ملتقي الرواية العربية "الرواية العربية إلي أين؟"، إضافة إلي حملة إرسال كتب مبدعين مصريين للجزائر، في محاولة من المثقفين المصريين لرأب هذا الصدع، ولإثبات أن الثقافة قادرة علي تخطي كل الخلافات، لكن حتي الآن لم يحسم الموقف رغم تدخلات اتحاد الناشرين العرب لحل الأزمة التي تجمدت. الجامعة الأمريكية تسيء في تعاقدها لمؤلفات بهاء طاهر تفجرت أزمة وخلاف بين الروائي بهاء طاهر وقسم النشر بالجامعة الأمريكية في أغسطس، حول خلو العقد من أي بند ينص علي ضرورة استشارة المؤلف والحصول علي موافقته بشأن الشروط والالتزامات المتعلقة ببيع الترخيص بالعمل إلي طرف ثالث، واعتبر بهاء طاهر تعليق قسم النشر علي العقد إساءة مادية وأدبية له، حين اكتشف إعادة نشر روايتين له عن دار نشر شهيرة بلندن، دون أن يخطره قسم النشر بالجامعة، وليس طاهر هو أول المتضررين من عقود دور النشر التي لا تراعي حق المؤلف ولا تحترمه، وكأنها "تمن" علي الكاتب بنشر أعماله.