تتحكم الخلفيات القبلية والجذور الاثنية المتنوعة في الولايات الجنوبية بالدرجة الاولي في القرار بجنوب السودان، وتسبب التباين بين القبائل الجنوبية في كثير من النزاعات الداخلية هناك بسبب تنافر وتوافق تلك القبائل حول طرق توزيع الثروة والسلطة في الجنوب. وتزداد مخاوف الجنوبيين من تفاقم الفجوات في العلاقة بين القبائل الجنوبية بعد استفتاء تقرير المصير وخاصة اذا ما انتهي الي الانفصال وتصاعدها الي نزاعات تهدد استقرار الوضع هناك، وهو ما بدا مثلا في تصريحات زعيم حزب الامة الصادق المهدي الذي قال ان ضحايا الحرب بين القبائل الجنوبية اكبر من ضحايا حرب الجنوب والشمال. ورغم ان ذلك الحوار رصد حوالي 10 ملايين دولار لرعاية المصالحة بين الجنوبيين الا انه لم يحقق اي نتيجة ملموسة علي ارض الواقع حتي الآن ،وظهر ذلك في الاشتباكات المتكررة بين عناصر الجنرال المنشق عن حكومة الجنوب جورج اتور وقوات الجيش الشعبي التي راح ضحيتها العشرات. أحدث خريطة وتعتمد خريطة توزيع القبائل بالجنوب علي مجموعتين اساسيتين من القبائل الاولي النيليون والثانية القبائل الاستوائية.. ورصدت «روزاليوسف» من خلال خريطة حديثة اعدتها بعثة الاممالمتحدة في الجنوب لاماكن انتشار القبائل زيادة في مناطق تواجد القبائل النيلية وتحديدا «الدينكا والنوير والشلك» داخل الولايات الجنوبية العشر علي حساب القبائل الاخري بما يعكس سيطرتها علي الوضع في الجنوب.. في حين ازداد عدد القبائل المنشقة من القبائل الاستوائية في الجنوب وعلي الحدود مع دول الجوار اوغندا وكينيا والكونغو بما يعكس كثرة الخلافات بينها. ويبدأ نفوذ النيليين في الجنوب من خلال قبيلة الدينكا التي يسيطر عناصرها علي الحكومة في الولايات الجنوبية بنسبة 70% وخلال السنوات الخمس الماضية زاد نفوذ تلك القبيلة حيث انتشرت مجموعات منها في معظم الولايات وعلي رأسها اعالي النيل وجونجلي والبحيرات وشمال وغرب بحر الغزال. في حين ازداد تواجد النوير ايضا حيث ظهرت مجموعات لها في اكثر من ولاية ايضا مثل اعالي النيل وجونجلي والوحدة وواصلت تلك القبيلة سيطرتها علي معظم حقول البترول في الجنوب ولها امتداد مع قبيلة الانواك في اثيوبيا، بينما استمر تمركز قبيلة الشلك في ولاية اعالي النيل.. ويأتي تأثير تلك القبائل نظرا لكثرة العناصر والكوادر المتعلمة في صفوفها وخاصة الذين تلقوا تعليمهم بالخارج بجانب نفوذها القوي في جيش التحرير. الاستوائيون مهمشون وتعد مجموعة الاستوائية من القبائل المهمشة في الجنوب وهي تنتشر في الولايات الاستوائية الثلاث ويصل عددها الي حوالي مائة قبيلة ولها امتداد بقبائل في الدول الافريقية المجاورة، وتعتمد علي الزراعة في انتاجها اكثر من تربية الماشية.. ومن هذه القبائل الزاندي وهي امتداد قبيلة جيش الرب في اوغندا وقبيلة الانواك والمورلي والباريا وديدينكا الموز والمادي والبون جو والقريش والاراندي والماندو والكوكو والبوري والبارا. وتمثل هذه القبائل أكبر تهديد للجنوب لانها الاكثر عددا وتعتبر نفسها صاحبة الارض وان القبائل النيلية دخيلة عليها، الا ان الخلافات والنزاعات المتكررة بينهما اضعفت تأثيرها في صراعها مع القبائل النيلية. ورغم ذلك فإن هناك كثيراً من المعارك والاشتباكات المتكررة بين تلك القبائل والنيليين وخاصة الدينكا ومن ابرز تلك النزاعات ما حدث في عام 2009 من اشتباكات بين قبيلة المورلي والدينكا في ولاية جونجلي والتي راح ضحيتها المئات من الجنوبيين. حوارات للمصالحة نتيجة لذلك بادرت حكومة الجنوب بعقد مؤتمر منذ ثلاثة شهور باسم الحوار الجنوبي الجنوبي بين الاحزاب والقبائل المختلفة للوصول الي صيغة مشتركة تساهم في تهدئة الاوضاع فيما بينهم. ورغم ان المشهد السياسي في الجنوب يتصدره حزب الحركة الشعبية باعتباره شريك الحكم مع حزب المؤتمر الوطني في الشمال الا ان تشكيل الهيكل التنظيمي للحزب ولحكومة الجنوب قائم علي مجموعة من التوازنات بين ثلاث قبائل أساسية هي الدينكا والنوير والشلك التي تعرف بالقبائل النيلية. واستخدمت حكومة الجنوب القبلية ضمن اوراق الضغط التي استعانت بها في معركتها السياسية مع حكومة الخرطوم خلال الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام حيث اتهم عدد من قيادات الجنوب المؤتمر الوطني بدعم مجموعة من القبائل والمتمردين في الجنوب لاثارة الفتنة والحرب هناك.