في خطابه أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشوري أمس الأول الأحد، قال الرئيس مبارك، تعليقاً علي أصحاب فكرة البرلمان الموازي، "خليهم يتسلوا".. معتبراً، عن حق، أن ما يقوم به النواب الخاسرون من تشكيل برلمان موازٍ هو نوع من أنواع التسلية وشكل من أشكال تضييع الوقت.. والحقيقة أن هناك فئات كثيرة من المجتمع المصري في وقتنا الحاضر تميل إلي هذا النوع من التسلية.. علي الرغم من أننا في أشد الحاجة "للجدية" ولاستثمار الوقت، لتخفيف ما علينا من أعباء، ولتحقيق ما نسعي إليه من طموحات! من هذه الفئات، وهي شديدة الصلة بالنواب الخاسرين، الأحزاب المصرية التي تميل إلي التسلية في موضع الجد.. خذ ما يثار عن فكرة "حكومة الظل" التي شكلتها بعض الأحزاب كمثال، لا علي مجرد التسلية ولكن علي منتهي الاستخفاف والتهريج! فحكومة الظل التي توجد في بعض المجتمعات الغربية تكونها أحزاب هي علي قدم المساواة مع الحكومة التي في السلطة.. ولديها كوادر تماثل إن لم تكن تفوق كوادر الحكومة القائمة.. أما إذا كانت هذه الأحزاب بلا ممثلين في المجالس النيابية، وليست لها قواعد جماهيرية، ولا كوادر حزبية، فإنه يكون تشكيل هذه الحكومة نوعاً من تضييع الوقت، وإهداراً للجهد في غير محله!!.. حكومة الظل تكون في البلدان التي توجد فيها أحزاب متكافئة القوة، ومتماثلة الإمكانيات.. أما عندما يكون الفرق بينها هو الفرق بين الثري والثريا، كما يقول أهل اللغة، فهنا يمكن لنا أن نستعير عبارة السيد الرئيس ونقول "خليهم يتسلوا"!! فئة أخري من هذه الفئات هي ما يطلق عليها "جماعات التغيير" و"جبهات المقاومة والتصدي" وغيرها من المسميات التي يخيل إليك من علو صوتها و"الدوشة" التي تخلقها أنها موجودة بالفعل، وأن لها "شعبية جارفة".. والحقيقة أنها بديل ومسمي أكثر جاذبية لما كان يسمي سابقاً "بالصالونات الثقافية"، حيث يجتمع بعض القوم الذين يتخيلون أن وراءهم الناس أسراباً وجماعات، ويتحدثون في بعض الأمور بمصطلحات لا يرددها غيرهم، ويسمع بعضهم بعضاً حكايات قديمة أكل الدهر عليها وشرب.. والغريب أنهم يتحدثون عن التغيير وهم أولي الناس به، وهم من يحتاجون إلي التغيير الحقيقي، بدلاً من التسلي بهذه الشعارات التي لا وجود لها علي أرض الواقع! وبالفعل، وكما قال الرئيس "خليهم يتسلوا"! وهناك أيضاً هؤلاء الإعلاميون الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر، ويحاولون الوقيعة بين ما يسمونه "الحرس القديم" و"الحرس الجديد" في الحزب الوطني، أو "تيار الإصلاح" و"التيار التقليدي"، ويقومون بنشر سيناريوهات وحكايات ما أنزل الله بها من سلطان.. فهؤلاء أيضاً يجب أن نكرر معهم عبارة "خليهم يتسلوا"! في الأثر نقول "ساعة وساعة"، أو "ساعة لقلبك وساعة لربك"، وليس أولي بهؤلاء من أن يأخذوا الأمور بجدية في هذه الساعة الراهنة، حيث لا يسمح الوقت الحاضر بالتسلية بهموم الناس وقضاياهم الحقيقية!