عرض: أمنية الصناديلي بعد فترة وجيزة من تطوير الولاياتالمتحدة لأول قنبلة ذرية أدرك الفيزيائي الأمريكي روبرت أوبنهايمر حاجة البلاد إلي مختبر جديد للأسلحة يكون من شأنه صيانة وتحسين الأسلحة بدلا من صنع أسلحة جديدة ومن هنا كانت مختبرات سانديا الوطنية وقد كان من المقرر وقتها أن تقوم جامعة كاليفورنيا بإدارة تلك المعامل إلا أن الرئيس ترومان وجد أن شركة AT&T الأمريكية للاتصالات سوف تدير المعامل بشكل أفضل في فترة الحرب الباردة وعليه فقد بعث بخطاب إلي الشركة يطلب فيه أن تدير الشركة تلك المعامل وهذا ما حدث بالفعل واستمر حتي بداية التسعينيات. وقد وافقت شركة AT&T عرفانا بصنيع بلاد العم سام التي ساعدتها بقوة عام 1878 علي النهوض في مواجهة شركة اتصالات ويسترن يونيون - الرائدة آنذاك- ولعل تلك المصالح المشتركة بين الإدارة الأمريكية وشركة الاتصالات الكبري هناك هو ما سمح لإدارة بوش بالتصنت علي المكالمات سرا ولسنوات طويلة، وهكذا فإن المصالح المتبادلة تحدث تحولات كبري وتغييرات في سياسة وأهداف أي منظومة سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية وتلك هي الفرضية التي يفترضها تيم وو ويحاول إثباتها في كتابه الجديد «التحول الأكبر .. صعود وسقوط إمبراطوريات المعلومات». بداية ينصب تركيز وو ،الأستاذ والباحث بقانون الاتصالات، علي شركة الاتصالات AT&T والتي يسوقها كمثل ثم ينتقل بعد ذلك إلي صناعات الاتصالات الخمس الرئيسية التي شكلت العالم الذي نعرفه والتي يرصدها في؛ التليفون والإذاعة والأفلام والتليفزيون والإنترنت، ويعتقد وو أن كل هذه الصناعات دخلت في محاولات دمج واحتكار ما عدا الإنترنت الذي يتوقع أن يدخل في دورة التطور تلك شأنه شأن باقي الوسائل الأخري. ويشير وو إلي وجه التشابه بين الإذاعة، أو الراديو، والإنترنت ففي بدايات القرن العشرين كان الراديو هو وسيلة الإعلام الأولي في العالم علي الرغم من أنه بدأ علي يد هواة إلا أنه بمجرد ما أثبت شعبيته وتأثيره بدأت الشركات الكبري عملها في السيطرة عليه واحتكاره إذ سعت شركة AT&T ومعها مصنعين الراديو إلي جعل الراديو صناعة كبري واحتكاره بعد ذلك ناضلت الشركة في المحاكم ضد وزير التجارة -آنذاك- هربرت هوفرالذي كان يحاول حماية الراديو من «الثرثرة الدعائية» إلا أنه خسر قضيته بعدما حكمت المحكمة لصالح الشركة ومن هنا بدأت دورة الاحتكار. ويركز وو علي البعد السياسي لفكرة احتكار صناعة الاتصالات علي اختلافها بسبب تأثيرها علي مستوي القاعدة الشعبية وعلي الرغم من أن البعد الاقتصادي لا يمكن إغفاله خاصة أن نجاح تلك الشركات يصب في خانة نجاح الاقتصاد الأمريكي إلا أن البعد السياسي هو الأكبر لذا لا يستبعد وو أن يدخل الإنترنت في الدائرة نفسها ويخضع لقوي الاحتكار والتي غالبا ما ستحركها الحكومة الأمريكية من وراء ستار.