يتحدث كتاب "محمود محيي الدين.. نظرة إلي الغد" - دار مصر المحروسة - عن الوزير بوصفه شخصية تتمتع بحضور جذاب، تجمع بين الإيغال في المحلية والتحليق في آفاق العالمية، ونتاج خلطة سياسية نادرة، فهو وزير يفهم في السياسة ولم يتعلمها في الوزارة. ويلخص المؤلف مصطفي بيومي سيرة ومسيرة الوزير السابق في كونه يحمل جينات النجاح، وظاهرة في التاريخ السياسي والاقتصادي لمصر، إصلاحي لا يعرف الكلل، يثير الجدل بحيويته، ويجعل الخدمات الوطنية طموحا وهدفا في حد ذاتها، تعلم ذلك مما يحمله من رصيد من الثراء والميراث العائلي غير المحدود سواء في الإنجاز العملي أو الوطني. ببساطة يتكئ محمود محيي الدين كما يقول بيومي علي "موروث الروح المصرية". يعتبر المؤلف منصب مدير البنك الدولي الذي تقلده الوزير، مهمة قومية وعالمية، وتتويجًا لنجاح غير مسبوق، ورد اعتبار ضمني لمن يعملون في صمت. وأن صعود محمود محيي الدين إلي هذا المنصب المرموق هو انتصار ذو أوجه عديدة، توجت كلها وجه مصر وصورتها ومكانتها، وأعادت إلي الشارع المصري روح البهجة. لكن بيومي يتخذ من صعود الوزير إلي المنصب الدولي فرصة لمراجعة الصورة النمطية السلبية عن البنك الدولي، ويحاول كسر جدران "كهف التاريخ" أو"شبكة الماضي العنكبوتية" والمعارك الوهمية، بينما كل شيء داخل البنك وخارجه قد تغير وتحول وتطور مثلما تدلل الأوضاع علي الساحة الدولية، وكما أكد الوزير نفسه في حوارات سابقة، أنه يشارك البنك الدولي في رسالته لتمكين الفقراء من أسباب القوة. يكمل المؤلف مشروعه التوثيقي عبر سلسلة رواد الاستثمار، والكتاب كما يوضح مؤلفه رغبة في قراءة تحليلية تمزج بين الذاتي والموضوعي، تجد في شخصية وزير الاستثمار حالة مصرية محترمة جديرة بالتأمل، ويقدم عبر فصول الكتاب "شهادة متوازنة تستهدف المصلحة الوطنية". إلي جانب ذلك يناقش المؤلف أفكار الوزير وسياساته من منطلق "لا كهنوت في الاقتصاد" أي أن الاقتصاد ليس عقيدة ولا ينبغي أن يكون كذلك. بل علم إنساني يجتهد للبحث عن حلول للمشاكل ويتطلع إلي إسعاد البشر، وهو ما يطلق عليه المؤلف تعبير "اقتصاديات السعادة" أو الاقتصاديات الشعبية الرشيدة. وهو بالضبط أقرب وصف لمنهج الوزير ذاته. بالكتاب كذلك إضاءات علي بعض مقالات الوزير وما تثيره من قضايا، وما تكشفه من مصادر ثقافة الوزير، إلي جانب شهادات عن الوزير. ويستعرض لمحة تاريخية عن البلد «كفر شكر» لوطن الصغير الذي يحمله محمود محيي الدين في قلبه"، وعن "الثلاثي المحترم": زكريا وخالد وفؤاد محيي الدين، الذين شغل ثلاثتهم منصب رئيس الوزراء، ولعبوا دورا بالغ الخطورة في صناعة التاريخ المصري المعاصر، وفي بلورة شخصية الوزير. ويقترح المؤلف تكوين رابطة من المتميزين والقادرين من أبناء كفر شكر، تقدم الخبرة والمشورة وتتكاتف في عملية تنموية شاملة. مستعينا بحوارات ومواد صحفية عن الوزير في الصحافة المصرية، يتوقف المؤلف عند آراء متفرقة للوزير في مجالات السياسة والاقتصاد وغيرها، ويلخص إلي أن صاحب قناعة "الاستثمار في البشر أولا" المعجون بطين البلد، هو نموذج جميل في البذخ الإنساني جدير بأن يحتذي به.