ارتفاع حاد لأسعار النفط في ختام التعاملات    الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال 23 من قيادات حزب الله مع هاشم صفي الدين    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    ملف يلا كورة.. بيان الزمالك.. جلسة لمحاكمة ثلاثي الأبيض.. وتصالح فتوح    «اللي حصل جريمة وكارثة».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على عقوبات الأهلي ضد كهربا    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    موعد مباراة ليفربول ولايبزيج في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    مصرع شخصين في حادث تصادم سيارة فنطاس فى التجمع    أمن كفر الشيخ يكشف لغز العثور على جثة شاب ملقاه بترعة في بيلا    "شربوا كوكتيل فاسد".. إصابة طفلتين بتسمم غذائي في بني سويف    بحضور 2050 شخص.. هاني شاكر يحيي حفل مهرجان الموسيقى العربية الدورة 32    نيللي كريم: لو حد عاوز يشتكي أوبر يكلم مين؟ وجمهورها يقدم لها الحل    دوللي شاهين تطرح برومو أغنية «أنا الحاجة الحلوة».. فيديو    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    وزير المالية: 3 أولويات لتعزيز البنية المالية الإفريقية في مواجهة التحديات العالمية    أوكرانيا تبحث مع استونيا تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد    محافظ البحيرة تعقد ثاني لقاء موسع مع الصحفيين لتسليط الضوء على قضايا ومشاكل المواطنين    عضو اتحاد الكرة يكشف مفاجأة بشأن طرف أزمة لاعبي الزمالك    كورتوا: رد فعلنا كان عظيما.. وهذا ما علينا فعله أمام برشلونة    البطريرك يلتقي عددًا من الآباء الكهنة والراهبات في روما    أدباء وحقوقيون ينتقدون اعتقال الخبير الاقتصادي عبدالخالق فاروق    هل اقتربت الساعة، الخطوط الجوية التركية تلغي جميع رحلاتها من وإلى إيران    البسوا الجواكيت..تحذيرات من الأرصاد بشأن حالة الطقس    5 آلاف في الساعة.. التحقيق مع أجنبية متهمة بممارسة الدعارة في القاهرة الجديدة    تشريح جثة طفل عثر عليها ملقاة بالشارع في حلوان    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجازر غير مرخصة في بدمياط    الهجوم على إيران.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد اجتماعًا الليلة    إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مع نظيره الروسي    نائب الرئاسي الليبي يبحث مع مسؤولة أممية التطورات السياسية في ليبيا    بالصور.. هاني فرحات مفأجاة حفل تامر عاشور    صدقي صخر يدير ماستر كلاس المخرج تامر محسن في مهرجان الجونة    سعر الذهب اليوم الأربعاء بيع وشراء.. أرقام قياسية ل عيار 21 والجنيه    حلوى الدببة الجيلاتينية التى تباع في آلات البيع الألمانية تحتوى على سم الفطر    احذروا الوقوف طويلًا أثناء فترات العمل..يسبب الإصابة بالجلطات    أطعمة تساعد في ضبط مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري    حلواني بدرجة مهندس معماري| ساهر شاب بحراوى يفتتح مشروعه لبيع «الفريسكا»    أرسنال يعود لسكة الانتصارات بفوز صعب على شاختار دونيتسك    ريمونتادا مثيرة من ريال مدريد على بوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    استشهاد 10 أشخاص وإصابة 31 في غارات إسرائيلية على شرق وجنوب لبنان    أستاذ موارد مائية يكشف: توقف توربينات سد النهضة بالكامل    الكويت تنضم رسميا إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية مراكش المؤسسة لمنظمة التجارة العالمية    عمر خيرت يعزف أجمل مقطوعاته الموسيقية بحفل جسور الإبداع بين مصر واليابان    الفنان عبد الرحيم حسن: "فارس بلا جواد" كان علامة في حياتي ودوري فيه كان تحدي    القاهرة الإخبارية: 4 غارات إسرائيلية على مناطق برج البراجنة وحارة حريك والليلكي في الضاحية جنوب لبنان    "اشتروا بسرعة".. رئيس "اللجنة النقابية للمصوغات" يكشف أسباب ارتفاع أسعار الفضة    هل الإيمان بالغيب فطرة إنسانية؟.. أسامة الحديدي يجيب    انفراجة وإصدار التراخيص الفترة المقبلة.. مقرر لجنة إعداد قانون البناء يكشف التفاصيل    رئيس جامعة الأزهر يتابع أعمال التطوير المستمر في المدن الجامعية    شتوتجارت يسقط يوفنتوس بهدف قاتل فى دوري أبطال أوروبا    تفاصيل ضبط طالب لقيادته سيارة وأداء حركات استعراضية بالقطامية    نشرة المرأة والمنوعات: الوقوف لساعات طويلة يصيبك بمرض خطير.. أبرز أسباب مرض داليا مصطفى.. سعر غير متوقع ل فستان ريهام حجاج    أمين الفتوى: تربية الأبناء تحتاج إلى صبر واهتمام.. وعليك بهذا الأمر    نواب البرلمان يعددون مكاسب المصريين من التحول للدعم النقدي    جامعة دمنهور تعقد ندوة "انتصارات أكتوبر والهوية الوطنية"    قومي المرأة يهنئ المستشار سناء خليل لتكريمه في احتفالية "الأب القدوة"    وزير الشؤون النيابية: نحن في حاجة لقانون ينظم شؤون اللاجئين بمصر    هل قول "صدق الله العظيم" بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنسانيات
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 09 - 11 - 2010

الصدفة عمياء، لكنها تحدث بتأكيد وثبات، وهي ليستْ مُأكَدة ومُثبَتة من طرف مجهول، بل هي التي تؤكد وتُثبت نفسها في كل مرة. تبدو الصدفة في تأكيدها وثباتها، وكأنها تضطهد موضوعها، لكنها بالفعل تقصد موضوعها، لكنَّ القصد هنا أيضاً ليس له غاية، من طرفها علي الأقل. اعتاد الروائيون علي وضع موضوعاتهم، أو شخصياتهم، في طريق الصدفة، ثم يقولون القول العزيز علي قلوبهم: ماذا يحدث لو أن البطل اصطدم بالبطلة مرتين متتاليتين، بفاصل زمني، في نفس محطة القطار. يهتم الروائيون بموضوعاتهم أكثر من اهتمامهم بالصدفة، ولهذا تبدو الصدفة، وكأنها تضطهد بطالهم، أي أنها تحدث لمعني ما، وعلي الروائيين أن يجدوه. إمَّا الصدفة، أو موضوعها. ينتصر الروائيون في الغالب لموضوعها، فتتراجع الصدفة في الخلفية، ويبدو البطل مُضطهداً في اللقاء، ويرجع البصر بمعجزة إلهية إلي الصدفة التي جلستْ علي مقعد بعيد تراقب غِبْنها، أي أن الروائيين هم مَنْ يضطهدون الصدفة. في عمل فني كبير لا يعوَّل كثيراً علي الصدفة، لا نجدها عند بروست أو كافكا أو جويس. هناك في عائلة الصدفة قريبان أكثر بعداً وشمولاً، وهما القدر والمصير، وهما أيضاً يتمتعان بعدم الرؤية. كان نيتشه يعتقد بأن الصدفة تحدث من طرف مجهول يرمي زهرين علي طاولة الوجود، فتتخلَّق الصدفة في نتيجة قراءة الزهرين، وعلي هذا اعتقد أيضاً في لاعب جيد يستطيع برميته المُحْكَمَة تحقيق أرقام الصدفة، ولاعب سيئ لا تؤدي رميته إلي رقم الصدفة المنشود. هنا نيتشه مثل الروائيين، افترض أن طرفاً مجهولاً هو الذي يرمي الزهر، مع أنها رمية من غير رام.
بالأمس في ساعة ظهيرة جلستُ بجوار النافذة بعد أن أعددتُ فنجان قهوة. كنتُ أترصد الأفكار المعتادة التي تأتي لي كثيراً في أماكن أخري، قبل النوم، في مقهي، أثناء الحديث مع صديق. لم تكن جلستي إذن بجوار النافذة تعني شيئاً جديداً يخرجني من الملل، مع أنني أثناء إعداد القهوة توقَّعتُ أفكاراً أخري لا بد وأن الاسترخاء بجوار النافذة قادر علي توليدها. كانت الحركة في جراج العمارة، وهو الفيو المتاح لي من حدوة الحصان المحتضنة في منتصفها نافذة غرفتي، بطيئة نسبياً علي غير العادة. سيارة رينو زرقاء تصعد منحدر فتحة الجراج، وأخري سوداء لم أتعرَّف علي ماركتها تهبط في نفس المنحدر، بعد زمن قصير من صعود الرينو الزرقاء. فكَّرتُ أن فتحة الجراج الرئيسية لا تحتمل صعود وهبوط سيارتين في وقت واحد، أو أنها تحتملهما تحت ضغط دقيق يتطلب من السائقين مهارة خاصة. المهارة نعم بالتأكيد. في فيلم راقص استصعبتْ بطلة الرقص الأكاديمي ضيق الحلبة، وازدحامها بالراقصين الفطريين. أكَّد لها البطل الراقص بالفطرة أيضاً أن الحلبة لهما، أي أن الأمر يتعلق في النهاية بمهارة خاصة. بالتأكيد عاينتُ مرة من النافذة سيارتين، واحدة في طريق الصعود من فتحة الجراج، وأخري في طريق الهبوط إلي فتحة الجراج.
استخدم بيير باولو بازوليني في فيلم أكاتون مقطوعة موسيقية من عاطفة متي ليوهان سبيستيان باخ، واستخدم أندريه تاركوفسكي بعد أكثر من عشرين سنة في فيلمه الأخير القربان مقطوعة أخري من عاطفة متي ليوهان سبيستيان باخ. لم يوفق بيير باولو بازوليني مع موسيقي يوهان سبيستيان باخ. فقر أجواء أكاتون لا ينسجم مع جلال الموسيقي. نجدته لمسة الحزن، وخذلته الفخامة. مع أندريه تاركوفسكي كان يوهان سبيستيان باخ يتمتع بالحزن والفخمامة.
بالأمس بعد الظهيرة نمتُ ساعة من النوم القلق. قمتُ بوقائع حلم غريب. تعاون رئيس اتحاد المُلاك القائم علي إدارة عمارتنا مع رئيس بلدية حلوان وجهات حكومية رفيعة. كان موضوع التعاون هو توفير سجن علي سطح العمارة، وهو خاص بسكان عمارتنا، وإذا نجحتْ التجربة ستعمم في عمارات أخري لا يقل عدد شققها عن خمسين شقة. صعدتُ إلي سطح العمارة مع جارة كان خطيبها مفقوداً منذ أسبوعين. أخذتُ أنا والجارة في جيوبنا كبشة من الظلط الرفيع، وكبشة أخري من الفول السوداني المحمص، ونبلتين قويتين من خراطيم الجلوكوز الطبي. علي السطح كانت غرفة المصعد قد دُمجت مع صندوق مستطيل قبيح من الطوب الأحمر العاري. كان الصندوق أقرب إلي المستودع أو الاصطبل. وكان بابه الحديدي صغيراً جداً، وفي منتصف الجدار، ولا يصل إلي الأرض. أشارتْ الجارة سريعاً إلي خطيبها. كانت إشارتها لا تعني أنها تفتقده، بل إنها وجدته، وعلي الفور قذفته بتتابع، وهي تقترب من السياج الحديدي، بحبات الفول السوداني المحمص، ومنجنيق الظلط الرفيع. أشرتُ أنا أيضاً إلي جار لا أعرف اسمه، يسكن في الطابق الثامن، ويملك سيارة رينو زرقاء. أخذني الحماس، فرشقتُ المسجون بحبات الفول السوداني المحمص، وشددتُ عليه منجنيق الظلط الرفيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.