60 قطعة نحتية معروضة بقاعة الفن بالزمالك، تمثل واقع المجتمع في القرن الماضي، طوع فيها المثال جمال السجيني (1917 -1977) الخامة وإيقاظها من صمتها وصلابتها، واستخراج الطاقة الكامنة في الحجر، حاملا مضمونا إنسانيا واجتماعيا تعرض رحلة فنان الواقعية الاجتماعية، الذي وضع الفن في خدمة قضايا المجتمع تمثل أعمال السجيني مرحلة مهمة من مراحل فن النحت المصري الحديث، فهو يحظي بمكانة متميزة في الحركة التشكيلية، بالإضافة إلي ممارسته مجالات كثيرة منها فن التصوير والخزف الزخرفي والنحت بأنواعه، كما اكتسب شهرة عالمية نتيجة حضوره الفعال والإيجابي في الحركة الفنية، ومشاركاته المكثفة في المعارض المحلية والدولية، حصد فيها العديد من الجوائز. حفلت رحلة السجيني التشكيلية بالكثير من المواقف والاعتراضات والاحتجاجات التي عكست شخصيته الفنية الأبية، والتي لم يقم بها أي فنان قبله، ففي عام 1961 رفض جائزة عن تمثاله "يقظة إفريقيا" واعتبرها قد جاءت متأخرة، وفي عام 1969 قام بالاحتجاج علي تجاهل مطالبه بإنشاء متحف خاص لأعماله، ووضع منحوتاته في مكان مناسب في الساحات والميادين. تمثل أعمال السجيني في مجملها الاتجاهات الفنية الحديثة في النحت من رمزية وتعبيرية، بذل فيهما جهدا وفيرا، حيث استمد واستلهم في رموزه من العمارة الريفية والإسلامية، تماثيله ذات الطابع البنائي، بعضها من النحاس المطروق بأداء تعبيري، حيث استخدم أسلوب الطرق علي النحاس، لاستخلاص أقصي طاقة تعبيرية كامنة لهذه الخامة، ونجده قد لجأ في بعض أعماله إلي تحويل المعاني المجردة إلي رموز، يميل بها إلي الزخرفة أحيانا، كما استخدم حروف اللغة العربية و كلماتها كعناصر جمالية غير مقروءة. وظف السجيني منحوتاته للتعبير عن الموضوعات الاجتماعية والسياسية، وتناول أحداث مصر وصراعاتها بين القوي الوطنية وبين قوي الاستعمار، تلك الأحداث التي تركت في نفسه تأثيرا قويا ظهر علي إنتاجه، كما قدم في أعماله موضوعات النيل، والفلاح، والحياة في الأحياء القديمة، ومن أشهر أعماله المعروضة تمثال "العبور"، وتمثال "سيد درويش"، وتمثال "أمومة"، و"عروسة المولد"، و"الأرض"، واستمد السجيني أفكار أعماله من تراث مصر ودمجها مع الفن المعاصر، متأثرا بمعايشته لفنون أوروبا ودراسته بالخارج، كما اهتم السجيني بعلاقة الكتلة النحتية بالفراغ المحيط بها من خلال وجود تجويف في كتل فراغ بتماثيله، يتخللها الضوء والهواء، متأثرا في أعماله تلك بالمثال هنري مور.