واكب قيام الثورة الإيرانية عام 79 ظاهرة خطيرة عرفت باسم فرار العقول العلمية، أودت بالحياة العلمية في إيران قرابة عشر سنوات. وهو ما يمكن وصفه بعصور الظلمة في إيران. تجددت هذه الظاهرة مرة أخري بعد الانتخابات الرئاسية العاشرة وتولية أحمدي نجاد رئيسا للبلاد لفترة جديدة. وتجددت عصور الظلم مرة أخري وبدأت الحكومة الإيرانية مخططا يقضي بطرد أساتذة الجامعات بدعوي اعتناقهم مذاهب ليبرالية تتعارض مع الدستور الإسلامي في إيران، الأمر الذي دعا خبير علم الاجتماع علي طايفَ مدير تحرير المجلة الإلكترونية الأولي في المجالات العلمية والاجتماعية الإيرانية «جامعه شناسي إيران» إلي استقصاء تلك الظاهرة في كتاب «علم اجتماع فرار العقول» وفيه يحاول المؤلف إلقاء الضوء علي هذه الظاهرة الخطيرة وأسبابها وسبل القضاء عليها. وفي مقدمة الكتاب أوضح المؤلف أن «فرار العقول أو الصفوة العلمية واحدة من أهم الظواهر التي واكبت قيام الثورة الإيرانية عام 79 لأسباب منها الاضطراب السياسي، الحروب، القمع الفكري والديني، التدهور الاقتصادي والاجتماعي وحتي الثقافي. ومازالت حتي اللحظة سببا رئيسيا في إنزال عدد من الصدمات الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية بالمجتمع الإيراني النامي. وحاليا تأتي إيران علي قائمة الدول الأكثر طردا للعقول العلمية في العالم». والمعلوم أن عضو لجنة التربية والتعليم بالبرلمان أعرب في وقت سابق عن قلقه الشديد من هجرة الصفوة العلمية من إيران، وأعلن تشكيل لجنة خاصة مكونة من 12 نائبا من وزارة الاسكان ومختلف الأجهزة المعنية لبحث هذه القضية. وأوضح بحسب ما أفادت وكالة أنباء هرانا، أولي الوكالات الإيرانية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان: «سوف نناقش خلال الجلسة سبل الحد من هذه الظاهرة واتخاذ الإجراءات اللازمة وعلي رأسها توفير الدعم المادي، الاجتماعي، المعنوي والسياسي للمهاجرين، لأنني أعتقد أن اهمال الأجهزة الإدارية لعملية الدعم سبب رئيسي وراء تفاقم الأزمة. وأكد أن الأبحاث خلال العام الماضي أوضحت هجرة 3 من طلبة الدكتوراه، و5 من طلبة الدراسات العليا يوميا، كما أن تقرير صندوق النقد الدولي أثبت هجرة 180 ألف خريج سنويا بما يترتب عليه تكبيد إيران خسارة 50 مليار دولار سنويا. وطبقا للإحصائيات يقيم في أمريكا أكثر من 250 ألف مهندس وطبيب إيراني، وأكثر من 170 ألفا من الحاصلين علي مؤهلات عليا. وهو ما يثير مخاوف المسئولين الإيرانيين ويحاولون العمل علي إيجاد فضاء مناسب للإقامة في إيران، أو علي الإقل خفض مؤشرات هجرة المثقفين. ويميز الكتاب اهتمام المؤلف بأهم النظريات المدونة التي تبحث أسباب تلك الظاهرة وتداعياتها، فضلا عن الاستناد إلي أحدث إحصائيات هجرة المتخصصين الإيرانيين في سائر دول العالم وخاصة أوروبا وأمريكا الشمالية، والنتائج التجريبية في داخل البلاد وخارجها. ثانيا الانفصال تماما عن الأبحاث والتحاليل الصحفية ذات الإحصائيات والتقارير النظرية، ثالثا الاستناد إلي النتائج التجريبية المترتبة علي ثلاثة من مستويات تداعي هجرات العقول العلمية وهي النتائج المتعلقة بالقوي المتخصصة المقيمة داخل البلاد باعتبارها القوة التي تهيئ للهجرة الإجبارية، العازمون علي الخروج من إيران عبر الطلبات المقدمة في اثنتين من السفارات هما كندا وأستراليا، وأخيرا المتخصصون خارج البلاد، إلا أن أهم ما يميز الكتاب هو صدق وصراحة وحرية استعراض أسباب هجرة المتخصصين الإيرانيين.
