يمتاز برنامج (مانشيت) الذي يقدمه الأستاذ (جابر القرموطي) علي قناة (on .t.v)، باهتمامه بالشأن الصحفي، حيث يتم فيه استعراض أبرز العناوين المثيرة في الصحافة المصرية (القومية) منها و(المستقلة)، وكذلك استعراض بعض القضايا والمشاكل التي تقع بين الصحفيين، وكذلك استضافة بعض الصحفيين والكتاب من جميع الاتجاهات للإدلاء بآرائهم في بعض من القضايا العامة التي تشغل المجتمع وكذلك القضايا والمشاكل التي تشغل الوسط الصحفي. ويفتتح الأستاذ (جابر القرموطي) برنامجه بعد استعراض أبرز عناوين الصحف بفقرة (الإحصاءات)، هذه الفقرة يقوم فيها الأستاذ جابر بعرض عدد التقارير والتحقيقات والحوارات والمقالات التي وردت في جميع الصحف المصرية (القومية) منها و(المستقلة)، ويكون عرضه علي سبيل المثال لما جاء في الصحف علي النحو التالي: (بلغ عدد التحقيقات النهارده 10 تحقيقات، وبلغ عدد الحوارات 7 حوارات، وبلغ عدد المقالات 215 مقالاً منها 15 مقالا في القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي، و20 مقالا في الشئون الدولية، و15 مقالا في الفن، و20 مقالا في الرياضة، و10 مقالات حول أزمة مياه النيل، و 10 مقالات حول أزمة جريدة الدستور و10 مقالات في الإعلام والصحافة، و15 مقالا حول قضية هشام طلعت مصطفي وأزمة أرض مدينتي، و10 مقالات في الشئون العربية، و 90 مقالا عن أحوال ومستقبل البلد وارتفاع الأسعار والتعليم والصحة والمرور والمواطنة والانتخابات). أتابع هذا البرنامج منذ بداياته الأولي، أي منذ ما يزيد علي عام وبضعة أشهر، ولم ألحظ في هذا البرنامج قط خاصة في فقرة الإحصاءات أن أخطأ الأستاذ جابر القرموطي ولو حتي علي سبيل (زلة اللسان) وذكر في تصنيفه للمقالات وقال: (و 5 مقالات في الفلسفة، أو 4 مقالات في الأدب والنقد الأدبي، أو مقالين في علم التاريخ، أو 3 مقالات في الإصلاح الديني، أو مقالين في علم الاجتماع والظواهر الاجتماعية، أو مقالا في علم النفس وآخر ما توصل له العلم من نظريات لدراسة الشخصية، أو 3 مقالات في الفلك وآخر ما وصل إليه علم الفضاء، أو 5 مقالات في الكيمياء أو الفيزياء أو الطب أو الأحياء والطبيعة أو الجغرافيا السياسية، أو مقالا في علوم اللغة العربية أو البلاغة أو علم اللسانيات، أو 3 مقالات في علم أصول الفقه، أو 4 مقالات في آخر ما وصل إليه العالم في التقدم التقني والتكنولوجي). أليس من المخجل أن هذه التصنيفات قد غابت تماما من صحفنا وبالتالي غابت من إحصاءات الأستاذ القرموطي ولم يحدث ولم يسبق أن ذكر منها الأستاذ القرموطي في برنامجه شيئا علي الإطلاق ولو حتي علي سبيل الخطأ وزلة اللسان، ربما يرد علي شخص ما ويقول: إن هذه الموضوعات مكانها الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة وليس مجالها الصحف والجرائد اليومية والأسبوعية، أرد عليه قائلا: وأين هي الدوريات العلمية والمجلات المصرية المتخصصة في علم الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلوم الفلك والفضاء وعلوم الطب والكيمياء والفيزياء والطبيعة والتاريخ والنقد الأدبي وعلوم اللغة واللسانيات؟. أليس من المخجل أن بلدا كمصر تخلو صحافته من المقالات العلمية والمعرفية المتخصصة ومن مقالات العلوم الإنسانية وغيرها من العلوم؟ أليس من المخجل أن تصبح صحفنا جافة قاحلة جرداء من الثقافة العلمية المتخصصة؟ أليس من المخجل أن تبدو صحفنا وكأن مصر قد أصبحت بلدا عاقرا عن إنجاب العلماء والأساتذة المتخصصين في شتي العلوم الذين لو كنا نري لعلومهم وأفكارهم ودراساتهم قيمة حقيقية بيننا لكنا قد دعوناهم لإثراء صحفنا وإعلامنا بشتي أنواع وألوان العلوم والمعارف. ولكن يبدو أننا قد ولينا ظهورنا لكل ما له علاقة بالعلوم والمعارف الحقيقية التي تتقدم بالشعوب وترقي بالأمم وترتفع بأفكارهم وثقافتهم، واكتفينا بعلوم الفرز الديني والطائفي، واكتفينا بعلوم الفرقة والتشدد ونبذ المخالفين، واكتفينا بثقافة وعلوم التحزب والاستقطاب والمزايدة والمشاكل والمصالح الفئوية والشخصية المحدودة الضيقة، ويبدو أننا قد محونا من قاموسنا العام القول المأثور الذي كنا دائما ما نسمعه من أساتذتنا ومدرسينا في المدارس زمان ألا وهو : (العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم).