قرار جديد جدير بالتعليق للدكتور بدر وزير التربية والتعليم.. يتناول القرار تخصيص عشر دقائق من كل حصة للإملاء لتحسين مستوي تلاميذ المدارس في الإملاء والكتابة العربية الصحيحة.. وينم القرار في طياته علي الاعتراف الضمني بتردي مستوي التلاميذ في مهارات الكتابة والهجاء الصحيح للكلمات.. وهي شجاعة لابد من الإثناء عليها لأن الحقيقة الواضحة لجميع الذين يعملون في التعليم بمراحله المختلفة بما فيها التعليم الجامعي يعلمون تماما المستوي المنخفض الذي وصلنا إليه فيما يخص التعامل باللغة العربية وكتابتها، بل قراءتها أيضا.. والحقيقة أن من الأسباب الرئيسية وراء تلك الظاهرة تلاشي واجب الإملاء في كثير من المدارس وانعدام وجود ما يسمي بواجب القراءة.. فلم نعرف للقراءة واجبا طوال سنوات الدراسة.. لم يكلفنا معلمونا أن نقرأ كمًا كبيرًا من الصفحات الأدبية في كتاب ما أو الإخبارية في هذه الصحيفة أو تلك.. بالرغم من أن أحد مصدرين لتعلم اللغة هو القراءة، وهو ما يعرفه العالم بأسره ولذلك يتبعون تكليف التلاميذ بالقراءة المسترسلة لمساعدتهم علي تكوين نماذج لغوية في أدمغتهم وتخزين أنماط تعبيرية يستطيعون من خلالها بناء تعبيراتهم الخاصة حين يكتبون.. هذا بالإضافة إلي معرفتهم الصحيحة بمفردات اللغة وكيف يكتبونها دون أخطاء.. أما واجب الإملاء الذي كنا كثيرًا ما نكلف به في أيام الدراسة الابتدائية، فقد تناقص تدريجيا حتي لم يعد يشكل سوي مجرد جزء شكلي في بعض امتحانات أبنائنا.. وخلت منظومة تعليم اللغة العربية من الإملاء تقريبا، علي الرغم من أن تعليم اللغات الأجنبية في مصر يهتم كثيرا بهجاء الكلمات والتشديد علي معرفة الطلاب بحروفها معرفة صحيحة.. فأين هذا في تعليم لغتنا الأم؟ في الولاياتالمتحدة تجري مسابقات مدرسية عديدة في الهجاء.. ويتنافس الصغار في هجاء الكلمات الصعبة ثم الأكثر صعوبة وتكمل بعض تلك المسابقات في تصفيات محلية ثم علي مستوي الولايات كلها.. وقطعا نحن لا نقلد ولن نقوم بالدعوة لإقامة مسابقات في الإملاء وإلا أصبحنا مقلدين للأمريكان.. ولكن علي الأقل، نطالب بعودة واجب الإملاء وحصة الإملاء وامتحان الإملاء.. والمصدر الثاني لتعلم اللغة قبل القراءة هو الاستماع.. فهو الذي يساعد علي الكلام، كما تساعد القراءة علي الكتابة.. ونحن لم نعد نسمع اللغة العربية إلا قليلا.. فإذا لم نقرأها أيضا، لانعدمت مصادر التزويد اللغوي التي نحتاجها ليتكون لدي أبنائنا مخزون من اللغة بمفرداتها وجملها وتراكيبها يستطيعون من خلاله أن يعبروا بها عن أنفسهم من خلال الحديث أو الكتابة أوكليهما.. إذا ينبغي أن نضيف لاهتمامنا بالإملاء اهتماما مضاعفا بالقراءة.. وليكن هناك واجب للقراءة من ناحية، وفقرات للقراءة الحرة يقوم التلاميذ بأدائها منفردين من ناحية أخري.. وهذا لتعود لهم قدرات يفتقدها هذا الجيل في القراءة السليمة والنطق العربي الصحيح، وهي أيضا ستفتح الآذان لسماع اللغة من جديد.. فلتعد الإملاء ولنضف لها القراءة ولنجعل الطلاب يقرأون ويكتبون بدلا من جعلهم يحفظون ويصمون..