أثار قرار مجلس القضاء الأعلي بمنع نقل وتصوير وتسجيل وبث المحاكمات في وسائل الإعلام في الدعاوي الجنائية والمدنية محل التحقيق أو المحاكمة التي لم يصدر فيها حكم بات جدلاً واسعاً بين المختصين والمرقبين. فبينما أيد القرار عدد كبير من المجتمع المصري إلا أن هناك من أقام دعوي قضائية ضد قرار مجلس القضاء معتبرًا أنه يخل بمبدأ العلانية ويخالف القانون واعتبره صحفيون يعرقل أداءهم المهني.. المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاء أيد رأي مجلس القضاء الأعلي وأكد الزند أن القرار يصب في صالح المجتمع رافضًا ما يحدث في الجرائد والفضائيات من تركيز الكاميرات علي المتهم وزوجته وأهله والتسبب لهم في أذي. وأشار الزند إلي أن ذلك لا يفيد المجتمع وبعد الضجة التي تحدث ربما يخرج المتهم بريئاً وهذه الحالات كثيرة فقد اتهم أحمد سلطان وكان وزير كهرباء سابقاً ونائب رئيس وزراء في قضية وكتبت عنه كل الصحف وتحدثت عنه القنوات لمدة ست سنوات وعندما حصل علي حكم بالبراءة لم يتحدث عنه أحد فهل هذا عدل؟ وأضاف رئيس نادي القضاة إن مثل أحمد سلطان كثير ولا يوجد في أمريكا وعدد كبير من دول العالم التصوير أثناء المحاكمة وذلك أفاد للمجتمع بكل أطيافه فكل إنسان معرض لأن يتهم في أي شيء. وأكد جلال دويدار أمين عام المجلس الأعلي للصحافة أن حضور الجلسات ونقل ما يجري بها ليس ممنوعا ولكن نشر الوقائع ذاتها وإصدار حكم يشك في القضاء غير مباح وهذا يسري علي جميع القضايا وليست قضايا بعينها وهذا تفعيل لمواد القوانين سواء كانت قانون العقوبات أو ميثاق العمل الصحفي ويمنع الصحفيين من مناقشة أحكام القضاء لأنه يقلل من هيبة القضاء مضيفا إن عدداً كبيراً من الصحفيين غير ملتزم وذلك بهدف الإثارة. ومن ناحيته أوضح أحمد موسي نائب مدير تحرير الأهرام أن القضاء كان به خلل وقد شاركنا فيه جميعا سواء كانت وسائل إعلام مقروءة أو مرئية أو مسموعة في عرض وجهات النظر في كثير من القضايا التي تحمل رؤي أطراف مختلفة وربما كان للإعلام دور في التأثير علي سير العدالة في قضايا بعينها اعتراضا علي أحكام سواء بالإدانة أو البراءة وهو أمر يتنافي مع رسالة الإعلام الذي يجب أن يكون دائمًا علي الحياد وأن ينقل ما يدور في جلسات المحاكم بكل أمانة ومصداقية متضمنا رأي النيابة العامة والدفاع والشهود وهو ما أكد عليه القضاء. وأوضح موسي أن هذا الأمر كان يجب تطبيقه منذ سنوات بعد أن شاهدنا التعليق علي الأحكام من جانب القضاة أنفسهم وللأسف هناك قضاة أساءوا لزملائهم واتهموهم بما ليس لهم سواء بإصدار هذا الحكم لسبب ما وهذا ما يتنافي تماما مع القضاة ومكانتهم الرفيعة وقد تحول بعض القضاة لرجال سياسة تركوا عملهم بالأحكام والقضاء وتحولوا إلي سياسيين ومعارضين وهو أمر لم نر له مثيلا إلا في مصر. ووافقته الرأي الدكتورة ليلي عبدالمجيد عميد كلية إعلام القاهرة السابق موكدة أن القرار يأتي في صالح العدالة خاصة بعد استخدام القنوات خلال الأيام الماضية ضد مصلحة العدالة وأصبح المتهم يخضع للمحكمة العادية ومحكمة أخري تشتعل في الفضائيات. وأشارت إلي ان القرار لم يمنع علانية الجلسات وحضور الصحفيين وإنما منع التعدي غير اللائق علي حد وصفها مضيفة أن القانون كفل لكل مواطن حق حضور الجلسات ومعرفة ما يحدث ولا يمنع ذلك إلا في حالات معينة حددها القانون. وتابعت عميدة الإعلام السابقة : إن هناك عدداً من المحامين وبعض المستشارين يريدون دخول الكاميرات للظهور علي شاشات الفضائيات مستهدفين النجومية وليس حق المواطن في المعرفة ولا مصلحة الوطن. ومن ناحيته أوضح محمود صلاح رئيس تحرير أخبار الحوادث إن هناك اسلوبا خاصا بنشر الجريمة منها عدم الحكم علي متهم قبل أن تنظر في القضية من قبل المحاكم ويصدر الحكم النهائي وعدم إطلاق لفظ قاتل أو سفاح أو جانٍ قبل أن تثبت التهم علي المتهم وتبعا للقاعدة التي تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته ومنها تخصيص نفس المساحات التي افردت عند اتهام الشخص ما بنفس المساحة عند صدور الحكم بالبراءة، وكذلك عدم ذكر أسماء المتهمين بالأحوال العادية ونشر صور الأطفال بطرف من أطراف القضية والأهم من ذلك الالتزام بالموضوعية والحياد وألا تميل الصحافة إلي طرف من الأطراف. وشدد صلاح علي ضرورة أن يلتزم جميع الصحفيين بهذه القرارات التي يعلنها مجلس القضاء الأعلي لأنها ليس بها أي مساس لحرية الصحافة أو مخالفة الدستور فيما أشار خالد أمين رئيس قسم الحوادث بجريدة الجمهورية إلي أن القرار يأتي تأييداً للقاعدة القانونية التي تنص علي عدم إيذاء المتهم معنويًا معتبرًا أن القرار أعاد الأمور إلي نصابها الطبيعي ويرفع الحرج عن القضاء ويعطي المتهم الحق في عدم تتبع انفاسه.