للوهلة الأولي قد يبدو أن المقارنة بين نظام الكفيل المعمول به في دول الخليج العربية، والنظام الديني السياسي المعروف باسم الولي الفقيه المطبق في إيران غير منطقي، فالأول نظام عمل يتعلق بالعلاقة بين الأفراد وأرباب الأعمال، والثاني اختراع شيعي يجعل الناس كلهم تحت سلطة وأمر ونهي الولي الفقيه نائب المهدي المنتظر، لكن في الحقيقة بين الاثنين الكثير من التشابه، لعل أبرزها أنهما يضعان الناس تحت سلطة شخص مادي أو معنوي، يصادر حريته، ويجعله أسير إرادته. ونظام الكفيل أسلوب متبع في بعض الدول العربية خاصة الخليجية لتأمين جلب العمالة الوافدة من دول عربية وأجنبية، وبموجبه تقيد حرية تنقل المكفول خارج البلد والحرية في العمل لدي أي جهة أخري إلا بموافقة الكفيل. وتري الدول التي تطبق هذا النظام أنه يضمن حقوق العمال وأصحاب العمل في حين يشكو بعض العاملين من السلطات التي يتمتع بها الكفيل. وحين يذهب عامل للعمل في دولة خليجية يحتفظ كفيله بجواز سفره، ولا يجوز له الخروج من البلد دون موافقته، وفي بعض الدول لا يستطيع التنقل بين مدنها دون موافقة الكفيل، ولا يستطيع العامل استقدام زوجته وأولاده للإقامة معه دون موافقة الكفيل، الذي يمكنه أيضا طرد العامل من عمله ومنعه من دخول بلد الكفيل مرة ثانية. وقد تعرض هذا النظام لانتقادات كبيرة من قبل منظمات حقوق الإنسان العالمية لأنه يصادر الكثير من حقوق البشر الأساسية ومنها الحق في العمل والتنقل وغيرهما من الحقوق، لذلك أعلنت الكويت أنها ستلغي هذا النظام اعتبارا من فبراير المقبل، فيما تبحث الدول الخليجية الأخري وسائل إلغاء نظام الكفيل واستبداله بقوانين عمل مختلفة تراعي حقوق الإنسان. وإذا كانت دول الخليج تبحث إلغاء الكفالة، فإن إيران علي ما يبدو مستمرة في نظام الولي الفقيه، رغم ما يحمله هذا النظام السياسي الديني من قيود علي السلطات العامة في البلاد وعلي الحريات الشخصية للأفراد. نشأت نظرية ولاية الفقيه علي يد الشيخ أحمد النراقي مؤلف كتاب "عوائد الأيام" في أصول الفقه والمتوفي عام 1829، وطبقها الإمام الخميني لأول مرة عام 1979، وتقوم علي نيابة الفقهاء عن المهدي المنتظر الذي اختفي وينتظر الشيعة عودته حتي يملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا. وحسب الدستور الإيراني فإن الولي الفقيه أو المرشد الأعلي هو القائد العام للقوات المسلحة ويعين ويعزل نصف أعضاء مجلس صيانة الدستور البالغ عدده 12 عضوا، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس الإذاعة والتليفزيون، والقائد الأعلي للحرس الثوري، والقيادات العليا للقوات المسلحة وقوي الأمن، إضافة إلي إقالة الرئيس المنتخب. ولا يجوز الاعتراض علي قرارات الولي الفقيه لأنه نائب عن الإمام الغائب علي الأرض، يعني نصف إله.. نصف إمام.. وفوق البشر أجمعين!