في الصحف الصادرة صباح الأحد، جاء المانشيت الرئيسي لصحيفة "روزاليوسف" بعنوان، "من الأزهر للجميع: العقائد خط أحمر" مع عناوين فرعية تشير إلي رفض الأزهر تصريحات الأنبا بيشوي، وآخر عن أن البابا سيعلن موقف الكنيسة اليوم.. وعكس تصدر هذا الخبر للصحيفة حجم الأزمة التي أثارتها تصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والتي شكك فيها في صحة بعض الأيات القرآنية. لكن المفارقة الغريبة أن هذا الخبر لم يكن موجودا في الصفحة الأولي لصحيفتي "المصري اليوم" و"الشروق"، وتم نشره في الصحيفتين علي الصفحة الثالثة علي استحياء، وقد يبدو أن نقل التغطية الخاصة باجتماع مجمع البحوث الإسلامية وبيان الأزهر إلي صفحات داخلية، وكأن الصحيفتين لا تريدان الخوض في موضوعات قد تمثل حساسية دينية للمواطنين لكن العودة للصحيفتين لمدة أسبوع واحد لمتابعة الموضوع تكشف العكس تماما. فقد اهتمت الصحيفتان بالأزمة في صفحاتها الأولي علي مدار أسبوع كامل، بينما تراجعت أخبار احتواء الأزمة إلي الصفحات الداخلية، وعلي سبيل المثال نشرت المصري اليوم تقريرا علي ثمانية أعمدة في الصفحة الأولي بتاريخ الثلاثاء 21 سبتمبر بعنوان: بلاغ ضد العوا ومنصور بسبب التصريحات حول اتهام الكنيسة بتخزين الأسلحة، وفي اليوم التالي نشرت تقريرا علي خمسة أعمدة بعنوان: مطالبات بقانون يكفل حرية العقيدة وأبو المجد يتوسط للصلح بين بيشوي والعوا. وفي يوم الخميس 23 سبتمبر نشرت تقريرا علي ستة أعمدة علي الأولي أيضا بعنوان: انتقادات مسيحية وإسلامية لمطالبة الأنبا بيشوي بمراجعة آيات قرآنية وبلاغ للنائب العام ضده بيشوي: هل أضيفت نصوص مسيئة للمسيحيين إلي القرآن في عهد عثمان؟.. وأبو المجد: التصريحات خطأ ديني ووطني. وفي يوم الجمعة نشرت المصري تقريرا علي ثلاثة أعمدة في صدر صفحتها الأولي بعنوان: بيشوي: أرفض الإساءة للإسلام .. وحديثي عن آية قرآنية تساؤلا وليس اتهاما، الأزهر يعقد اجتماعا طارئا غدا لإعداد رد قوي.. ومصادر: الطيب غاضب بشدة. وفي يوم السبت وعلي ستة أعمدة أيضا نشرت المصري اليوم في صفحتها الأولي تقريرا بعنوان: مصدر كنسي: البابا شنودة غاضب جدا من تصريحات بيشوي.. وأجري اتصالات لاحتواء الموقف، مظاهرة في الإسكندرية تطالب بمحاكمة البابا وسكرتير المجمع المقدس وظهور كاميليا. أما صحيفة الشروق فقد عالجت الأزمة بطرق مختلفة في صفحتها الأولي في أيام الاثنين 20 سبتمبر والثلاثاء 21 والخميس 21 والجمعة 23 من نفس الشهر، أي أن الأزمة لم تغب عن صفحاتها الأولي بينما غاب عنها مؤتمر الأزهر وخبر ظهور البابا شنودة في اليوم التالي لإعلان موقف الكنيسة والاعتذار عنها. وقد يري البعض أن اختيار ما ينشر في الصفحات الأولي من عدمه حق الصحيفة، ولا يستطيع أحد أن يملي عليها شيئا، لكن الحفاظ علي الوحدة الوطنية وعدم السماح بالعبث بها هو إحدي أهم مسئوليات الصحافة الوطنية، وحين تهتم الصحف الخاصة بشكل كبير بإبراز الخلافات والتراشقات التي تؤثر علي تماسك النسيج الوطني، خاصة التشكيك في آيات قرآنية صادر عن الرجل الثاني في الكنيسة، ثم تهمل حدثا مهماً وكبيراً بحجم بيان الأزهر، فإن هذا الأمر يعني بدون شك أننا أمام تغطيات إخبارية موجهة وأخشي القول إنها تصب في صالح صناعة مناخ من الاحتقان الطائفي. وحسنا فعل المجلس الأعلي للصحافة حين شكل لجنة لدراسة مضامين التغطيات الصحفية المثيرة للفتنة الطائفية، وقد نشرت تحليلا بسيطا لنوعية النشر دون التطرق لتحليل مضمون ما نشر في الصحيفتين، وأعتقد أن علي اللجنة التي شكلها المجلس الأعلي للصحافة وبها أساتذة نثق بهم جدا، أن تقول لنا ماذا يعني هذا التوجه لدي صحيفتي المصري اليوم والشروق.