أتعلمون أن الأغاني التي تقال للحاج المسلم هي تلك التي تقال للحاج المسيحي اثناء زيارته للقدس؟ كأن نقول: علي فين يا مقدسة بتوبك القطيفة، رايحة أزور المسيح وأعول الضعيفة، وفي الإسلامي: رايحة فين ياحاجة يام الشال القطيفة / رايحة ازور النبي محمد والكعبة الشريفة. وكذلك آه يارب ما أموت ولا يدفنوني / لما أشوف نور المسيح واوفي ديوني / يارب ما أموت ويبكوا علي / لما اشوف نور المسيح واملي عينيا. وفي التراث الإسلامي: آه يارب ما اموت ولا انزل ترابي / إلا ما ازور النبي وابلغ مرادي / آه يا رب ما أموت ولا انزل لحوود / إلا ما ازور النبي وأبلغ المقصود. في كتابه "حول الثقافة الشعبية القبطية" الصادر مؤخرا عن سلسلة الدراسات الشعبية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، يقترب بنا الباحث أشرف أيوب معوض، من هذا التراث الشعبي القبطي، باعتباره تراثا مصريا قديما وعريقا، وثقافة شعبية تمثل جزءا مهما من حياة المصريين اليومية وتاريخهم، معتبرا أن الفولكلور القبطي هو أصل الفولكلور المصري سواء في الفنون القولية من غناء وأمثال وتعاويذ ورقي وبكائيات وحكايات وأمثولات وألغاز، أو بصرية كالرسم والنقش والوشم والنحت والزخرفة وتشكيل الأواني الفخارية والحرف اليدوية وما إلي ذلك. في مقدمته للكتاب يقول معوض: "كل منا يحمل في تكوين ثقافته حضارات متراكمة من عصور سالفة وحاضرة من العصر الفرعوني والقبطي والإسلامي أثرت في التفكير والوعي، ولكم ربط مؤرخون كثيرون العصر القبطي بنشأة اللغة القبطية والبعض الآخر، يؤكد أن نقطة البداية للغة القبطية كانت مع دخول المسيحية، وبالتالي أمكن ربطه ببداية التقويم الميلادي من منطلق أن العصر القبطي هو تعبر عن الحقبة المسيحية التي دخلت مصر في النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، وذهب البعض إلي أن بدايته كانت في عام 284 ميلاديا. ويضيف: "الثقافة الشعبية القبطية لا تبحث في الطقوس الدينية نفسها أو الشعائر الدينية بل في الطقس الشعبي أو الاحتفال الشعبي أو المعارف الشعبية المصاحبة للشعائر الدينية المسيحية وبالتالي يتدخل الطابع المصري الشعبي بقوة في طريقة التعبير بهذه المناسبات التي يتناولها الكتاب كل علي حدة. ويتطرق الباحث بعد ذلك لعدد من هذه المناسبات كالموالد القبطية التي تقام للاحتفال بذكري قديس معين فتري أن تمجيد القديس داخل الكنيسة نفسها من قبل الكاهن والشعب والصلوات هو الجانب الديني والرسمي، أما الاحتفال الشعبي في موكب أيقونة القديس الذي يتزاحم فيه الالوف لنيل البركة من الأيقونة والنذور والأضاحي وكتابة الرسائل وكذلك الأنشطة التجارية والترفيهية والمبيت حول الدير والوشم كلها مظاهر شعبية تواكب الاحتفالات الدينية، ومن أمثلة هذه الموالد مولد العذراء الذي تتم فيه العديد من الطقوس والممارسات الشعبية بالأديرة المعروفة باسمها، خاصة في صعيد مصر ويشارك فيها المسلمون مع المسيحيين. ومن ثم فنجد تشابها كبيرا بين الممارسات التي تتم عند ضريح الولي ومزار القديس من تقبيل المقصورة والدعاء والصلاة في المكان وطلب الشفاعة كذلك كتابة الرسائل للقديس مارجرجس أو الإمام الشافعي أو غيرهما بالإضافة إلي تقديم النذور والأضاحي، وكذلك فيما يتعلق بالنشاط التجاري من بيع فول وحمص وحلوي وملابس وخدمات مقدمة للزائرين من حلوي وشراب ودق الوشوم. وعن طقس الزواج المسمي بالإكليل قال سبب تسميته هكذا لان الكاهن وهو يتممه يقوم بتتويج رأس العروسين أثناء الصلاة بإكليلين دلالة علي النعمة المقدسة التي توجت حياتهما برابطة الزيجة وتعتبر حفلات الزفاف فرصة للتعبير عن مشاعر الفرح بمظاهره المختلفة بدءا من ليلة الحناء وانتهاء بالصباحية كأول صباح للعروسين وهذا التعبير الشعبي يكون بالأهازيج والأغاني كعادة الشعب المصري في كل المناسبات.