كشف أساتذة وخبراء آثار عن تعرض متاحفنا للعديد من المخاطر بسبب الإهمال وأن العديد من المتاحف لا يعرف الحماية الإلكترونية وتعتمد في تأمينها علي «الخفراء» ولذلك - كما يقول الخبراء - جاءت سرقة لوحة الخشخاش نتيجة طبيعية للإهمال واللا مبالاة التي تهيمن علي قطاع تأمين المتاحف. يصف د. حسني نويصر أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة إجراءات التأمين في المتاحف المصرية بأنها غير منضبطة ولا تتعامل مع المتاحف بحساسية أو علي أنها أشياء ثمينة كما لا يتم تفعيل وصيانة أجهزة المراقبة مشيرًا إلي أن للمتاحف عدة أنواع لا يجب أن تتساوي بها وسائل التأمين لأن متاحف طوابع البريد مثلاً ليس كمتاحف الآثار ورغم ذلك فجميع المتاحف غير مؤمنة بأفضل أسلوب بدليل أن متحف محمد خليل مختار الذي سرقت منه لوحة زهرة الخشخاش له بوابة إلكترونية غير موجودة في أي متحف آخر حتي المتحف المصري ثمنها 200 ألف جنيه ولكن 95% من كاميرات المراقبة لا تعمل وبالتالي لا يستفاد من هذه البوابة. وطالب بضرورة تدريب رجال الأمن بجميع المتاحف والأماكن الأثرية الذين يأخذون دورات تدريبية علي الورق فقط والاهتمام بأوضاعهم المالية حتي لا يتم رشوتهم. وقال د. محمد الكحلاوي رئيس اتحاد الآثاريين العرب أن المنظومة المتبعة لتأمين المتاحف فاسدة بدليل فتح متحف يضم مثل هذه اللوحة رغم تعطل أجهزة الإنذار مشيرًا إلي اختلال الأولويات لدي وزارة الثقافة فهي تهتم بترميم المنشآت والمواقع الأثرية في حين أنها لا توفر منظومة أمنية متكاملة لحماية هذه المواقع. وشدد رئيس اتحاد الأثاريين العرب علي ضرورة بناء ثقافة الناس قبل إنشاء وافتتاح المتاحف، مشيرًا إلي أن خلق وعي حقيقي بأهمية الأعمال الفنية وقيمتها لدي الناس هو الضامن الوحيد لحمايتها من أي سرقة أو تلف، وقال إن البلاد التي تقدر قيمة الفنون والإبداع كما في فرنسا يتم وضع فرد أمن أمام أي لوحة أثرية ليس لحمايتها من السرقة فقط بل لمنع تصويرها نظرًا إلي ما يسببه فلاش الكاميرات من أضرار. واستنكر الكحلاوي عدم وجود هيئة متخصصة لإدارة الأزمات في مثل هذا الحادث أو غيره من احتراق لوحات أو تلفها. عبدالله كامل رئيس هيئة الآثار الإسلامية وصف ما حدث بأنه كارثة لكن رأي أنه نتيجة للاهمال والفوضي التي تسيطر علي أنظمة حماية المتاحف والمواقع الأثرية والفنية، قائلا: لا توجد لدينا ثقافة تأمين، نحن نجيد اتخاذ قرارات عنيفة وسريعة في أوقات معينة وسرعان ما نتراجع عنها بعد ذلك فلدينا مشاكلات كبري في تحديث وسائل الأمن والأمان، فيجب مراجعة وسائل التأمين والإنذار والأبواب الإلكترونية بشكل دوري حيث تصبح مواكبة لأحدث التطورات العالمية.. وتحدث كامل عن العنصر البشري المستخدم في عملية التأمين والحماية مشيرًا إلي مشكلتين لدي هذا العنصر هما عدم وجود كفاءات متدربة علي أحدث وسائل الحماية، وكذلك عدم توفر العائد المادي المناسب لهذا العنصر الأمر الذي يؤدي إلي شيوع روح الإهمال واللامبالاة لديه وأن كل هذه العوامل مسئولة عن وجود فوضي وعشوائية في عملية دخول وخروج الزائرين للمتاحف. وتساءل لماذا لا توجد كاميرات للمراقبة وتسجيل الداخلين والخارجين كما في دول الخليج. واعتبر رئيس هيئة الآثار الإسلامية أن وزارة الثقافة هي المسئول الأول والوحيد عن هذه الفوضي ولابد أن تقوم الوزارة بتشكيل لجان لمتابعة هذه المتاحف لمعرفة حالة أنظمة الأمن والأسوار المحيطة بالمتاحف وحول امكانية تكرار مثل هذه الحوادث في ظل هذا الوضع الأمني قال :«ستتكرر كل يوم وفي أماكن مختلفة ما لم تتوافر كفاءات إدارية وأنظمة حديثة تواكب التطورات العالمية» وأضاف «بدليل أن هذه ليست أول حادثة سرقة بل سبقتها سرقة لوحات من قصر محمد علي وغيرها». وحذر من تكرار هذا الحادث لضعف وسائل التأمين في متحف الخزف في الفسطاط ومتحف الفن الحديث بالأوبرا ومتحف قصر محمد علي.