لم يتوقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأركان حكمه عن ترديد القول بأن الخيار العسكري لحل مشكلة الملف النووي الإيراني مازال مطروحا علي الطاولة.. ومع ذلك لا يبدو في الأفق أن الإدارة الأمريكية جادة في اللجوء إلي هذا الخيار.. بل إنها تتمني ألا تلجأ إليه لأنها تعرف تداعياته، فضلا عن أنها لا تريد أن تدخل حربا جديدة وهي لم تفرغ بعد من حربها في افغانستان، وتعمل علي سحب قواتها من العراق. الخيار الوحيد المطروح فعلا علي طاولة أوباما للتعامل مع إيران هو خيار ممارسة الضغوط من خلال العقوبات.. وهذا ما ركز أوباما جهوده خلال الأشهر القليلة الماضية لتنفيذه، ونجح في اقناع كل من روسيا والصين لتأييد الحزمة الجديدة من العقوبات التي وافق عليها مجلس الأمن. ويؤكد ذلك أن أوباما عاد مؤخراً ليتحدث عن المفاوضات مع إيران لحل مشكلة الملف النووي الإيراني.. وشاركت في ذلك وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون.. والحديث يدور الآن عن استئناف هذه المفاوضات مع بداية الخريف القادم. لقد أرجأ الرئيس الأمريكي الحديث عن المفاوضات فقط خلال الفترة التي كثف فيها جهوده لاستصدار قرار من مجلس الأمن بالعقوبات الجديدة علي إيران، لأنه رأي أن مثل هذا الحديث قد يعطل اصدار هذا القرار، وقد يمنح الصين وربما روسيا فرصة لطرح فكرة تأجيل قرار العقوبات حتي انتهاء المفاوضات وتبين ماذا ستفضي اليه من نتائج، وفي هذا الإطار جاء رفض واشنطن للاتفاق الثلاثي الايراني التركي - البرازيلي لإعادة تخصيب كميات من اليورانيوم الإيراني في الخارج بضمان تركيا. ولكن الآن عادت واشنطن مجددا تتحدث عن الحل الدبلوماسي والمفاوضات مع إيران لحل مشكلة الملف النووي الإيراني، وإن كان هذا الحديث قد اقترن بعدد من المطالب الأمريكية والغربية من إيران،ورغم أن هيلاري كلينتون رفضت مؤخرا الافصاح بشكل مباشر عن هذه المطالب متعللة بأن الايرانيين يعرفونها جيدا، إلا أنه يمكن استنتاج ان هذه المطالب تتعلق بزيادة كميات اليورانيوم المطلوب اخراجها من ايران لاعادة تخصيبها في الخارج، وأن تتوقف ايران عن عمليات التخصيب لدرجة عشرين في المائة حتي لو كانت مازالت هذه الجهود في مرحلة التجارب. ويعلل الرئيس الأمريكي عودته بالتلويح بالحل الدبلوماسي او التفاوضي لمشكلة الملف النووي الإيراني بأن العقوبات الجديدة التي بدأ تنفيذها علي ايران، سواء بمقتضي قرار مجلس الأمن أو القرارات الأوروبية والأمريكية المنفردة، قد بدأت ايران تعاني منها بالفعل وتتأثر سلبيا بها.. ولذلك باتت الفرصة مواتية للعودة للتحدث مع الإيرانيين وهم تحت ضغط لانهم سيفكرون كثيرا الآن في تقديم التنازلات والتخلي عن موقفهم المتصلب. وسواء كان ذلك التعليل صحيحا أو مبالغا فيه، أي سواء كانت ايران قد بدأت تعاني من العقوبات الجديدة أم ان معاناتها ليست كبيرة، فان هذا الخيار الدبلوماسي والتفاوضي هو الخيار الوحيد المطروح حتي الآن علي طاولة أوباما لحل مشكلة الملف النووي الإيراني، لأن تكلفة الخيار العسكري كبيرة وضخمة لا تقدر عليها واشنطن الآن، ولعل هذا ما فهمه الإسرائيليون أيضاً.