بأفكارها المتميزة استطاعت أن تخرج من العزلة والأسوار التي يفرضها المجتمع علي ذوي الاحتياجات الخاصة وتخلصت من النظرة السطحية التي تلاحقهم، وببساطة شديدة ورؤية إخراجية تستحق الإشادة جسدت ذلك في الفيلم القصير «يمكن لما نسافر» الذي جاء خطوة مختلفة بعد عدد من الأفلام حصدت عنها الجوائز. التقينا المخرجة الشابة «مي أمجد» لنتعرف عن قرب علي تجربتها مع الإخراج الذي ظل حلماً يراودها في الطفولة فقد عشقت السينما ولذلك تخطت الصعاب حيث رفض والدها دخولها الوسط الفني ولكنها ظلت متمسكة بالحلم إلي أن تمكنت من تحقيقه. بعد أن حصلت مي علي ليسانس الآداب قسم اللغة اليابانية من جامعة القاهرة التحقت بالجامعة الأمريكية لدراسة الإخراج السينمائي وإلي جانب ذلك عملت مساعد مخرج في عدة أعمال لتتعرف مدارس إخراجية مختلفة من خلال التعامل مع مجموعة من كبار المخرجين من بينهم محمد النقلي وهي تحرص علي التعلم ولا تقلد أحداً ليكون لها رؤية خاصة تتميز بها عن الآخرين. لم يكن الخوض في المجال العملي السينمائي بالأمر السهل فقد كانت تري نظرات القلق في عيون المخرجين الذين يلتقونها للمرة الأولي ولكنها تتعامل مع هذا الأمر بلامبالاة وتترك عملها يتحدث بالنيابة عنها فسرعان ما يختفي هذا الشعور لينبهروا بأسلوبها وإتقانها للعمل ويتأكدوا أنها تتمتع بمهارة عالية. وتحاول تغيير نظرة المجتمع المليئة بالشفقة لهم وترفض وصف ذوي الحالات الخاصة بكلمة معاقين التي تعني عجزاً وهو أمر ليس بالصحيح وبخاصة أنها قادرة علي الإبداع والتميز الذي يفتقد إليه الكثيرون. جاءت بداية مي بإخراج ثلاثة أفلام روائية قصيرة منها فيلم «البلياتشو» «ومن التالي» الذي حصلت عنه علي جائزة من مهرجان بكندا ومن ثم عملت بأسلوب أكثر احترافاً في فيلم «يمكن لما نسافر» الذي أخرجته بعدما تلقت دعوة للمشاركة في مهرجان الحالات الخاصة واستغرقت ما يقرب من أربعة أشهر في التحضير والإعداد له ما بين اختيار الممثلين وأماكن التصوير حتي يخرج كما تتمني في نصف ساعة هي مدة عرضه. وضعت الفيلم في إطار رومانسي من خلال تناولها قصة افتراق حبيبين وتميزت برؤيتها الفلسفية في طرح هذا الموضوع واختارت أن تجسد بطلة الفيلم دور فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة تجلس علي كرسي متحرك حتي تلقي الضوء بأسلوب غير مباشر علي النظرة الرجعية للمجتمع إلي هؤلاء الأفراد حتي إن تميزوا وهو الأمر الذي تشعر به وتلمسه علي أرض الواقع، وقد استعانت ببعض التجارب التي مرت بها لتكون ضمن أحداث الفيلم وهذا ما جعله أكثر صدقاً. وقد حالفها الحظ في إخراج الفيلم بصورة ماهرة تختلف عن الأفلام القصيرة الأخري فقد شارك في بطولته الفنانة سوسن بدر و الفنان أحمد راتب اللذان أعجبتهما الفكرة ووافقا مباشرة إلي جانب الوجوه الشابة عمرو صالح وعليا عساف، وهي تشعر بالفخر لأن جميع من شاركوا بالفيلم لم يحصلوا علي أجر بل عملوا معها بحب. كلمات الإشادة التي أصبحت تتردد علي مسامعها كثيراً بعدما تم عرض هذا الفيلم في مايو الماضي جعلتها أكثر حرصاً علي أن تبدأ أولي خطواتها في إخراج الأفلام الروائية الطويلة وهي بصدد خوض التجربة بسيناريو يناقش عدداً من الجوانب الإنسانية ولكنها ما زالت تبحث عن شركة إنتاج تتحمس للفكرة.