قد لا نكون بحاجة إلي بيان هذه الحكاية فقد باتت معروفة علي مستوي العامة والخاصة في مصر وخارجها بفعل عشرات الأساليب والوسائل بحسن أو سوء نية وبأغراض منها الشريف ومنها غير الشريف وتناولتها عشرات المقالات والتحليلات الموضوعية منها والمغرضة ناهيك بالفضائيات الباحث منها عن الحقيقية والباحث منها عن المزيد عن الإعلانات، وبين هؤلاء وأولئك اختلط الحابل بالنابل كما يقولون ويبدو - إن لم يكن هذا هو الحادث - أن الحكاية قد انتهت بظهور أو العثور علي أبلة كاميليا شحاتة زاخر المدرسة الشابة «25 سنة» زوجة الكاهن تداوس سمعان رزق - راع بكنيسة مارجرجس بدير مواس محافظة المنيا - التي غابت عن منزل زوجها يوم الأحد 18 / 7 /2010 لمدة خمسة أيام وهو الغياب الذي تم تفسيرة قبل الظهور والعثور بالاختطاف من جانب زميل لها في المدرسة التي تعمل بها لإشهار إسلامها كما حدث لقريب لها ومن قبل لوفاء قسطنطين عام 2004، وفي البداية روج لهذا الاختطاف بعض القساوسة والكهنة في كنيسة دير مواس مع توجيه الاتهام كما هي العادة لأجهزة الأمن بالتقصير والإهمال في البحث عنها والعثور عليها في حين أكدت الأجهزة الأمنية منذ اللحظات الأولي للغياب أنها لم تختطف ولا توجد شبهة جنائية ولكن مع التحريض والإثارة غاب العقل الباحث عن الحقيقية وانتصر العقل الجمعي الذي يدفع بالجموع إلي الانضمام في المظاهرات دون إدراك حقيقي لأسبابها ومخاطرها وعمق من هذه الشائعات وتصريحات رجال الدين، وكانت المظاهرات والاعتصامات في دير مواس وفي الكاتدرائية الرئيسية بالعباسية بالقاهرة. وبعد مضي خمسة أيام من الغياب ظهرت أبلة كاميليا وصدقت توقعات أجهزة الأمن وأنها كانت لدي صديقة لها وأن غيابها كان بخلافات أسرية مع زوجها الكاهن، وبعدالعثور والظهور صدرت تصريحات من سبق أن أشاعوا الاختطاف بأنه لم يكن كذلك وإنما اختفاء وغياباً وقدموا الشكر لأجهزة الأمن بعد اتهامهم لهم بالتقصير والإهمال، وانفض الاعتصام وعاد المتظاهرون إلي بيوتهم إلا أيله كاميليا فهي الوحيدة التي لم تعد لبيتها وإنما سلمتها الدولة للكنيسة ولا أحد يدري عنها شيئا. وهكذا انتهت الحكاية وتوتة توتة خلصت الحدوتة. معقولة انتهت الحكاية؟ وإن كان هذا التساؤل لا محل له من الإعراب حيث بتنا نعيش فقط ثقافة ردود الفعل علي كل المستويات فساعة الحدث الكل ينفعل ويصرخ وعشرات التصريحات والشعارات ترفع، ولكن بعد ذلك تنتهي الهوجة ويذهب كل في طريق. وهنا نقول: انتبهوا أيها السادة فالخطر قادم وعلينا البحث عن الأسباب الحقيقية وراء حكاية أبلة كاميليا ومن قبل وفاء قسطنطين. علينا أن نتساءل وبقوة: وماذا بعد هذه الحكاية وغيرها مما يتوقع حدوثه، بل وتزايد هذا الحدوث ما بقيت الأسباب وما لم نتوجه وبكل حسم للتغلب عليها. ولعل من أهم هذه الأسباب. 1- ذلك الاحتقان الطائفي بفعل المتأسلمين والمتأقبطين إن جاز التعبير الذين بجمودهم وتخلفهم لا يتوقفون عن إثارة الفتن داخل الوطن بل ويستمدون قوتهم من خارجه وما يقومون به بين العامة في الكفور والنجوع والأحياء الشعبية من إثارة النعرة الطائفية بين المسلمين والأقباط. 2- غياب المؤسسات الدينية عن القيام بدورها في وأد هذه الفتن في مهدها وتبني الخطاب الديني المتسامح مما أعطي الفرصة لدعاة الجمود والتطرف والنعرة الطائفية من امتلاء منابر الكنائس والمساجد للنيل من الآخر عقيدة ودينا. 3- غياب الدولة والمؤسسات المدنية عن القيام بدورها في هذا المجال والتفرغ للأمور السياسية وتصفية الحسابات والفساد والإفساد. 4- غياب مفهوم المواطنة وحقوق الإنسان والتمييز بين المسلمين والأقباط في العديد من المؤسسات. وغيرها من الأسباب التي تفرض المواجهة الحاسمة والتغلب عليها لأنها مصر ولأنهم المصريون من الأقباط والمسلمين قبل وبعد الأديان وإلا كان القادم أخطر. والله من وراء القصد.