منذ فجر التاريخ اختص البعض نفسه بمهنة التكهن بالمستقبل وكان لهؤلاء الكهنة مكانة عظيمة. وفي أساطير الأولين ينجح الكاهن دائما في التنبؤ الصحيح فيما يتعلق بالكوارث القادمة (ولكن نبوءته تؤرخ بعد وقوعها لا قبلها)!. وينجح أيضا في التنبؤ بالأحداث السعيدة (التي يتحقق عكسها ولكن التاريخ لا يذكر هذا خاصة في منطقتنا)!. ولذلك مازال الإنسان يلجأ لوسائل كثيرة لمعرفة المستقبل لا يمكن حصرها منها: فتح الكوتشينة ورمي الزهر وقراءة الكف وفنجان القهوة و البلورة السحرية، إلي أشياء جديدة يخترعها كل يوم لن يكون آخرها الأخطبوط الألماني بول والببغاء الهولندي اللي ناسي اسمه. كيف يعرف الأخطبوط أو الببغاء نتيجة مباريات كأس العالم؟ لا أحد يعلم. كما لا تعلم أوراق الكوتشينة وفنجان القهوة. أنا شخصيا أرشح بدلا منهما الحمار. فالحمار يعرف السكة لوحده. وإذا تركته يمشي وحده فسيختار نفس المكان الذي أخذته إليه مرة ويكون هذا دليلا مؤكدا علي أن أمانينا ستتحقق فنفرح ونقول هييه!. فلماذا لا يكون وسيلتنا هو الحمار خاصة أن من يصدق النبوءات لا يفرق كثيرا عن الحمار!. تنبأ ترزياس كاهن طيبة لأوديب بمصيره وكان محقا وهي أسطورة ومسرحية. وفي التاريخ لم يتنبأ المتنبي شاعر العرب بمقتله مع أنه كان نتيجة منطقية لطموحه. في كل الدنيا يتشوق الناس لمعرفة ماذا (سيحدث لهم) غدا أو بعد شهور وسنوات من باب الفضول، أما في منطقتنا فيصل هذا الشوق إلي مرحلة الشبق. ويعني هذا أننا غير مضطرين (لصنع ما يحدث لنا). فلا داعي للعمل لنصل إلي ما نصبو إليه بل ننتظر أن يخبرنا المتنبئ بما ننتظره ونتمناه. نستبعد من حساباتنا أن المستقبل يتوقف في جانب كبير منه علي ما سنفعله نحن الآن. ويعني هذا أننا لا ننوي عمل ما يحقق لنا أحلامنا وأهدافنا بالجهد اللازم أو أننا لا نعرف نتيجة ما نفعله!. لكن غيرنا يستخدم طرقا أخري للتنبؤ بالمستقبل بهدف التحكم فيه وصنعه بأيديهم والأصح بعقولهم وذلك عن طريق معرفة الماضي وإحصاء الحاضر ليستخلص من ذلك النتائج المنطقية المنتظرة في المستقبل وبالتالي وضع الخطط لإدخال التعديلات المطلوبة عليه قبل أن يجيء. فإذا كان المنتظر حدوث انفجار سكاني بعد سنوات يمكن البدء من الآن للعمل علي تخفيف حدته. وإذا كانت المحاصيل ستشح مستقبلا، يمكن البدء فورا في استصلاح أراض جديدة. عندما وجهت أمريكا إنذارا لصدام لينسحب من الكويت ورفض كنت ألتقي يوميا بكثير من المثقفين والأدباء والفنانين المعروفين في أحد الأماكن وكان الكل يجمع أن الحرب لن تقع. ليه يا أسيادنا، هي أمريكا بتهزر؟. قالوا لا بتهوش بس لكن تخاف لأن العراق عنده رابع جيش في العالم. سألت: اشمعني صدقتوا أمريكا في دي وبتكذبوها دايما؟. دي كذبة روجتها عشان تخوف شعبها فتبرر الحرب ضد العراق. قلة قليلة منهم قالت الحرب لن تقع لأن صدام ليس غبيا وسينسحب قبل نهاية مهلة الإنذار. قلت بل هو غبي. الواقع أنهم تنبئوا بما يرضي عواطفهم.. كراهية في أمريكا الأجنبية وتعاطفا مع العراق. كأن الكويت ليس عربيا أو مسلما!. قبل غزو العراق في 2003 تكرر الأمر فراهنني الجميع أنه لن يحدث!. صدقوا ما قاله الصحاف عن الأمريكان العلوج. ومنذ وقع الانفصال بين فتح وحماس كتبت عشرات المرات مراهنا أنهما لن يتصالحا. وهو الحادث للآن. قلت لنفسي: الله ؟ دا أنا ممكن أبقي زي الأخطبوط الألماني. بالطبع في كل ما سبق لم أكن متنبئا ولا دياولو. إنما كانت الوقائع هي التي تتكلم. قبل حرب 67 كنت أنتظر أن نكسب الحرب ولم أكن أيضا أتنبأ وإنما كانت الكلمات التي تصلنا من السلطة توهمنا جميعا بهذا. وعندما كنت في المرحلة الثانوية رفضت أن أسلم يدي لقارئ كف كزملائي وسخرت من تصديقهم لهذا النصاب و استقيت حكمي من خلفيتي الثقافية وهي نوعية الكتب التي أجدها في منزلنا. لكني وأنا أسخر من قراءة المستقبل عن طريق الكف كنت أظن أني أعرف مستقبل العالم كله. فسوف تسود الاشتراكية العالم وتتقدم البشرية بفضل العلم والابتكار وتتحرر كل الشعوب المقهورة و طبعا تتوحد الأمة العربية بزعامة مصر!. وكانت كلها تنبؤات خيالية ومجرد أماني والسبب خلفيتي الثقافية أيضا. اليوم لم أعد ذلك الشاب الرومانسي الغر. وعندما تابعت إعجاب العالم بالأخطبوط الألماني شعرت بالغيرة والحسد وسألت نفسي: لماذا أرشح الحمار بدلا منه؟. لماذا لا أكون أنا؟. وهذه بعض تنبؤاتي للعشر سنوات القادمة. خذها علي محمل الجد أو الهزل لا فرق فالمكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين!. بالنسبة لبعض الدول. اليمن: دولتان السودان: ثلاث دول. العراق: ثلاث دول. إيران: مصير العراق. باكستان: مصير أفغانستان .تركيا: تخرج من لعبة الخلافة الإسلامية والوحدة الأوربية . حزب الله: يختفي مع اختفاء لبنان أو وجود دولة قوية. سوريا: ستظل كافية خيرها و.... بس. الخليج: ينضم للوحدة الأوربية. الجامعة العربية: تظل قائمة حتي تنتهي ولاية عمرو موسي. القومية العربية: معاداتها تصبح كتهمة معاداة السامية. مصالحة فتح وحماس: ابقي قابلني. الحل النهائي لقضية فلسطين: اسكت يا لساني. شرق وغرب: يختفي النقاب من أوربا ويسود في الدول العربية بفضل الوهابية وحقوق الإنسان والحكومات الضعيفة. في مصر حوادث الطرق: حوادث السيارات كما هي ولكن تكثر حوادث اصطدام المارة ببعضهم. أسعار السلع: لا ترتفع إلا قليلا مع كل أول شهر. الفقر: لا يتحرك من مكانه لأنه لن يكمل تعليمه. السكان: لن يزيدوا بمعدل أكثر من معدل الوفيات. الرياضة: الدوري للأهلي وجدو في الأهلي. الآثار: يكتشف أضعاف ما تم اكتشافه من الآثار الفرعونية حتي اليوم. الدولة: نفس الاستقرار. البرادعي: هاهاي ضحكتني يا شيخ.