عمرو خالد السبب في عودة الفنانات المحجبات إلي العمل في الدراما المصرية وفرض شروطهن لإنتاج أعمال فنية تحافظ علي الموانع الشرعية، وتقوم في الأساس علي وازع أخلاقي، وبدأ في تدشين مشروع جديد لتغيير وجه السينما المصرية والعمل علي «أسلمتها» بشكل غير مباشر، فقد فاجأ الجميع بحضوره فيلم «عسل إسود» مصطحباً معه أسرته بالكامل بناء علي دعوة خاصة من مؤلف الفيلم «خالد دياب»، الذي تجمعه بعمرو خالد صداقة وطيدة، إلا أن الأمر أبعد من مجرد مشاهدة فيلم أو حتي مجرد الصداقة لأن خالد يبني أفلامه فنياً وفق المنظور الذي يحدده أستاذه من ضرورة توافق رسالة الفيلم مع العقيدة الإسلامة وجوهرها وعدم التعرض للموانع الشرعية أو الاقتراب منها. وعلي هذا النحو ووفقاً لهذا التوجه خرج فيلم «ألف مبروك» بدون بطولة نسائية لأن المرأة في السينما باتت معضلة.. لذلك حاول المؤلف تقليص دورها نهائيا في هذا الفيلم واستبعاده أيضا في فيلم «عسل إسود» ليظهر دور «إيمي سمير غانم» هامشياً وبعيداً عن محور الأحداث. كما أن الفيلم الذي يكتبه خالد دياب حالياً باسم «ريتيرن» أي الدوران للخلف ويقدم فيه المرأة إلا من خلال شخصيتين هامشيتين صحيح أنهما موجودتان في سياق الأحداث ولكن بشكل صوري ليضمن الإطار المناسب لتجربة سينمائية تخضع لشروط مسبقة ومعايير أخلاقية وتوصيات لابد منها.. وهي أن يكون الفيلم محملاً برسالة وأهداف واضحة تتفق مع المجتمع أخلاقيا بمعني التخلص من كل شوائب التجارب السينمائية الحالية وأبرزها مشاهد الإغراء والإثارة وتقديم فيلم بمعايير خليجية يبدأ من ثقافة النفط وينتهي إليها لنفاجأ بسينما مثالية تعتمد علي الوعظ والإرشاد مثلما حاول حسين صدقي تطبيقها في نهاية حياته لكنه فشل لأن كثرة القيود تقتل روافد الإبداع في العمل الفني. مخطط أسلمة السينما المصرية يهدف إلي اختراق مجالها من القاعدة وليس من القمة بمعني الوصول إلي طريقة تتحكم في كتابة النصوص السينمائية بدلآً من ملاحقة النجمات واقناعهن بالحجاب، ويتم هذا المخطط من خلال الوصول إلي أكبر عدد من كتاب السيناريو الموهوبين وتقديم الدعم المادي والأدبي لهم عبر أكاديمية خيرية هي عبارة عن «ورشة» لكتاب السيناريو يتبناها عمرو خالد ويشرف عليها خالد دياب بعد أن فاز ب«100 ألف يورو» من برنامج «مجددون»، فالجائزة سيحصل منها علي 20% لنفسه بينما يستغل المبلغ المتبقي في الإنفاق علي هذه الورشة التي من المنتظر أن تفرخ أجيالاً جديدة من الكتاب يتحركون من ثوابت أخلاقية متشددة لا يقبلون الحياد عنها. وسوف نجد أن نوعية الأفلام التي يكتبونها هي مجرد أعمال وعظية ترتد بالسينما عشرات السنين إلي الوراء، وعلي هذا الأساس يتم التعامل مع المتقدمين لهذه الورشة علي موقع عمرو خالد علي الإنترنت لأنك قبل الالتحاق مطالب بإرسال السيرة الذاتية الخاصة بك التي تكشف عن جوانب شخصيتك وفق معايير أخلاقية ودينية لا أعتقد أنها تسمح بدخول الأقباط إليها مع أن أشهر رموز السينما وأنجحها هم يوسف شاهين وداود عبدالسيد ويسري نصر الله ولا أعرف كيف يتم تصنيف الإبداع علي هذا النحو الضيق. والأغرب من ذلك هو اشتراط التفرغ لمدة سنة بما يعني استبعاد الشباب الذين يمارسون الأعمال والوظائف والاقتصاد علي الشباب تحت 21 سنة والذين من السهل تشكيل الوعي الخاص بهم وفق أهداف وتوجهات عمرو خالد وفريق العمل المصاحب له.. كما أن فكرة المشروع تستبعد تماماً أي وجود لمعهد الفنون المسرحية الذي يضم قسما للسيناريو لأن الهدف هو زرع اتجاه مضاد للتيار السائد في العمل السينمائي والذي يعمل وفق ضوابط محددة ووصاية أخلاقية لا يتقبلها دارسو السيناريو في المعاهد المتخصصة بل الأهم من ذلك هو أن تصب التجربة في النهاية في خدمة العمل السياسي الإسلامي الناقم علي المجتمع ومؤسساته والداعي للانقلاب عليه سواء في مظاهر الحياة اليومية حتي أدق التفاصيل الأخري، واستغلال السينما كوسيلة تحريضية تملي النصائح والأوامر علي المشاهد وتسهم في اتساع الفجوة بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه لكن الأخطر أن تصفي هذه التجربة كل المبدعين الحقيقيين ولا يتبقي إلا أنصاف المواهب الذين يصبحون أبواقاً لأفكار عرقية ومذهبية تطرح سينما هزيلة تتبني التمييز الديني علي أساس طائفي وفي هذه الحالة يتم تدمير السينما المصرية من جذورها سواء علي مستوي الجمهور الرافض لهذه الحالة أو علي مستوي الإبداع الذي يتراجع تحت ضغط الرقابة الذاتية والقضاء علي كل فكرة جريئة أو قصة حية والدوران في إطار ثابت من التكرار والجمود تحتضر في ظله البراعم الفنية. ورشة إنتاج السيناريو التي يتبناها عمرو خالد بدعم خليجي ليس الهدف منها إنتاج أفلام دينية وإنما أفلام اجتماعية تتمرد علي مفاهيم المجتمع.