يشترك مقال اليوم مع ما كتبته بالأمس في أنه عن (الكهرباء) حيث قرأت ما تم نشره مؤخراً علي لسان د. حسن يونس (وزير الكهرباء والطاقة) من أن قانون الكهرباء الجديد يعتبر سرقة التيار الكهربائي جريمة مخلة بالشرف، ويشدد العقوبة عليها حيث إنها تعتبر سرقة مال عام. أعلم جيداً أن السرقة هي جريمة مخلة بالشرف سواء كانت سرقة التيار الكهربائي أو سرقة المياه أو أي سرقة أخري. ولذلك أعتقد أن د. أحمد يونس قد تأخر كثيراً في طرح هذا الاقتراح.. لأن سرقة التيار الكهربائي لا يعتبرها المواطن العادي جريمة.. خاصة إذا كانت السرقة لإنارة الاحتفال بأحد الأفراح أو لسرادق عزاء أو لإنارة الشوارع في شهر رمضان الكريم، أو كما رأيت ذات مرة لإنارة دار عبادة مخالفة إن من يفعل ذلك يعتبره حقا مكتسبا لا يمكن مساءلته أو محاسبته عليه.. متناسياً أنها سرقة بكل المقاييس. إن صدور مثل هذا القانون يعني الحفاظ علي المال العام المتمثل في تلك الطاقة الكهربائية المهدرة في غير محلها الصحيح، وهو ما سيساعد علي تجاوز العجز في الاستهلاك في فترات الذروة التي بدأنا نعاني منها في ظل الارتفاع المزعج لدرجات الحرارة. وبعيداً عن سياق السرقة المباشرة للتيار الكهربائي؛ فإن هناك أشكالاً أخري للسرقة غير المباشرة وربما تكون غير المقصودة مع افتراض حسن النية، وذلك بترك أعمدة الإنارة مضاءة أثناء فترات النهار أو بعدم القيام بالصيانة اللازمة لأكشاك الكهرباء وأعمدة الإنارة مما يتسبب في تلفها وتكهينها فيما بعد، وتغييرها بتكلفة مضاعفة مع ارتفاع الأسعار.. وهو ما يعني الإهمال في الحفاظ علي المال العام سواء من شركات الكهرباء أو من محافظة القاهرة المسئولة عن إنارة الشوارع والكباري، والأمثلة كثيرة: كوبري 6 أكتوبر وكوبري الزمالك، وشارع شبرا وشارع رمسيس.. المشكلة الحقيقية أن ثقافتنا التي تعتمد علي مقولة (تراب الميري).. جعلت الكثير منا يستحل أموال الميري (الحكومية) بدون أي شعور بالذنب.. وأصبحت المصلحة الفردية الخاصة لها الأولوية العظمي في ظل غياب تام لمفهوم المصلحة الوطنية العامة. نحتاج لدعاية إعلامية جيدة للتوعية بأهمية الحفاظ علي الطاقة الكهربائية.. ليس فقط بعدم سرقتها، ولكن أيضاً بترشيد استهلاكها للحفاظ عليها من الإهدار بسبب سوء استخدامنا لبعض الأجهزة الكهربائية المنزلية، أو بشرائنا لأجهزة مرتفعة الاستهلاك الكهربائي. علي وزير الكهرباء أن يصلح من سياسة وزارته في هذا الأمر، وعليه أن يقدم مقترحا عمليا سريعا لمجلس الوزراء لضبط دور المحافظة والمحليات في الحفاظ علي الطاقة الكهربائية. يا سادة.. لا أحد يهتم بالمال العام، ولا أحد يهتم بالمصلحة العامة.. مواطنين غير مبالين.. وحكومة غير مهتمة.. وكل يغني علي ليلاه حسب مصلحته الضيقة.