روشتة احتراف السياسة أمراض عديدة للممارسة السياسية رصدها كتاب "إصلاح الساسة.. الحزب الوطني والإخوان والليبراليون" للدكتور عبدالمنعم سعيد، عبر الانطلاق في البدء من الحزب الوطني علي أساس أن "الأحزاب الحية هي التي تراجع نفسها كل يوم". اعتبر د. سعيد غياب الالتزام الحزبي ظاهرة مقلقة ومعرقلة لطريق أو مشاريع إصلاح الساسة، ويرجع سبب ذلك إلي زيادة نسبة المنشقين عن الحزب ثم العودة إليه مرة أخري، فيما يشبه عملية التذبذب الحزبي. كذلك، يشير إلي ما وصفه بضعف الهوية داخل الحزب، يقصد الإيمان بالفكرة والفلسفة العامة لأي حزب، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ومن بين أمراض الممارسة السياسية، يتحدث د. سعيد عن غياب السياسيين المحترفين عن الحياة السياسية، في مقابل إفساح المجال للشعارات الرنانة القائمة علي تزاوج الثروة مع السلطة. وتلافيا لهذا الغياب يقترح المؤلف إلي بعث الطبقة السياسية من جديد من خلال ما أسماه عملية التجنيد السياسي. لا يغفل د. عبد المنعم سعيد التطرق إلي دعوات إقامة الدولة الدينية، محذرا منها وواصفا إياها بالدعوات الفاشية التي تنهي الحرية الإنسانية والسياسية. وتغلفها بغطاء القدسية والكهنوت، وتشوه المجتمعات والممارسة السياسية وتمزق الوحدة السياسية، خصوصا إذا انتسب دعاتها إلي حركات المعارضة. ومع ذلك لا ينفي د. سعيد مشروعية إقامة حوار فكري تنافسي بين الحزب الوطني والجماعات الإسلامية، بالطريقة التي تجعل الشارع يقف بوضوح وشفافية علي حقيقة الخلاف الفكري والأيديولوجي بين القوتين السياسيتين من ناحية، وحقيقة الأمور المشتركة بينهما. ولهذا يعرف الناشر هذا الكتاب بأنه "رسالة للقوي الثلاث: الحزب الحاكم والإخوان والليبراليون، يسعي بالأساس إلي تنظيم الحوار وتفعيل النقد الذاتي داخل تلك القوي". أخيرا يبدأ طريق إصلاح الساسة من وجهة نظر د. سعيد بالتنافس الحقيقي بين جميع الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية، والبعد عن الاحتكار السياسي لقوي بعينها، من ناحية أخري دعا المؤلف إلي ضرورة تفعيل دور الأحزاب الليبرالية كالوفد، وذلك - كما يشرح - لحاجة المجتمع إليها.