في السنوات العشرين الأخيرة سمعنا مصطلح وزراء المجموعة الاقتصادية، وكان كل رئيس مجلس وزراء حريصاً أشد الحرص علي أن يختار بنفسه وزراء هذه المجموعة بحيث يسير دولاب العمل الاقتصادي للدولة في انسياب وهارموني. فعل هذا المغفور له د. عاطف صدقي - الله يرحم أيامه اللي كانت زي العسل علي قلوب وجيوب المصريين رغم شد الحزام علي البطون - الذي طال واستطال علي مدار عشر سنوات قضاها الدكتور عاطف في منصبه لم نشعر خلالها بأزمات مثلما نشعر بها الآن في عصر الحكومة الذكية: وبعد خروج الدكتور عاطف الراجل الطيب من رئاسة مجلس الوزراء سار خلفه د. كمال الجنزوري علي الطريق نفسه تقريباً.. وطوال سنواته الأربع كنا نقرأ ونسمع ذات المصطلح ذاته «وزراء المجموعة الاقتصادية» دون أن نعرف أو تدرك جيوبنا الخاوية علي قروشها (الأصلح عروشها ولكن القافية تحكم) ماذا فعل وزراء هذه المجموعة للاقتصاد المصري الذي ما إن يطلع من حفرة حتي يقع في بير! بالطريقة نفسها ظل د. عاطف عبيد مؤمناً بمصطلح وزراء المجموعة الاقتصادية.. وشهدت سنوات مسئوليته عن مجلس الوزراء أكثر عمليات بيع شركات القطاع العام، لم يعرف هذا المصطلح الاقتصادي المصري الشهير طريقه إلي تلك الأمم الكثيرة التي عالجت مشاكلها الاقتصادية بأساليب أخري كثيرة ليس من بينها أسلوب أو طريقة اسمها وزراء المجموعة الاقتصادية إياها! ولم تكن حكومة الدكتور أحمد نظيف مختلفة في منهجها وأسلوب حكمها عن الحكومات السابقة عليها، كأنه كان مكتوباً علي الجبين. - جبينك وجبيني - هذا المصطلح الغريب الذي ظل يحكم أمور اقتصادنا الوطني منذ وفاة د. فؤاد محيي الدين رئيس وزراء مصر القوي في عام 1984 . لا أعلم من أين جاء هذا المصطلح العبقري ولا لماذا؟ .. لكن أما وقد جاء منذ ربع قرن وظهر في حياتنا.. فمن حقنا أن نسأل: هل أصلح وزراء هذه المجموعة العجيبة ما أفسده الدهر؟.. بمعني آخر ما هي النتيجة التي حققتها تلك المجموعة المرموقة؟!.. لا شيء.. لا شيء علي الإطلاق سيما معدلات نمو محترمة نجحت حكومة الدكتور نظيف في تحقيقها لأول مرة منذ خمسين عاماً تقريباً.. إلا أن جيوبنا لم تشعر.. وبيوتنا لم يسعدها هذا المعدل التنموي غير المسبوق حتي.. حتي أن يدخل كيلو لحمة إلينا.. ونمتع أسرنا وأهالينا بوجبة سمك دسمة أو جوز بط من اللي بالي بالك.. طبعاً نسينا الكلام ده ما هو فات عليه دهر وزمن لم يعتب أبوابنا. وبصراحة كده.. ها أسألكم سؤال وعاوز كل واحد فيكم يجاوب بصراحة: لو مفيش وزراء مجموعة اقتصادية كان حالنا ها يكون إيه!؟ .. طبعاً مفيش حد منكم عارف إيه هي الإجابة الصحيحة.. لكن لو بص كل واحد منكم في وش صاحبه ولا جاره.. ها يعرف الإجابة علي طول! لست منزعجاً من استمرار ظاهرة وزراء هذه المجموعة فهناك بالتأكيد مصلحة عليا في وجود هذه المجموعة ولكن نفسي.. نفسي أعرف بجد كيف لم يدرك كل الوزراء الذين تعاقبوا علي تسيير شئون اقتصادنا أن الاستثمار والاقتصاد لا يمكن أن تحكم أموره وتنظم شئونه غابة من القوانين التي قد يمتد عمرها إلي زمن السلطان برقوق. نفسي يا حكومة.. نفسي يا ناس أعرف إزاي كل الوزراء دول ما خدوش بالهم إن المستثمر اللي عايز يدخل السوق المصرية عليه أن يطلع علي أكثر من 1100 ..وبالحروف حتي لا يتصور أحد وجود خطأ ألف ومائة قانون.. مش بس كده وكمان (فوق البيعة) خمسة عشر ألف قرار وزاري!. نفسي يا معالي الوزير أنت وهو.. نفسي معاليكم تقولوا لينا إزاي ما عرفتوش أن بعض مواد هذه القوانين وبعض نصوص هذه القرارات الوزارية.. لا يوجد تطبيق عملي لها في السوق المصرية.. بل إن هناك قرارات وفرمانات لبعض الوزراء تتعارض وتتصادم مع قوانين يفترض أن نحترمها ونجلها.. لا أن نتصادم معها! كنا نفترض أن يقوم وزراء المجموعة الاقتصادية بتنقية السوق المصرية من قوانين وقرارات أو بالأحري فرمانات لم يعد لوجودها الان أي معني.. ولكن أما وأن هؤلاء السادة الوزراء لم ينتبهوا إلي وجود ألوف مؤلفة من القوانين والقرارات عرفت الطريق إلي السوق المصرية عندما كانت السياسة اشتراكية والاقتصاد اشتراكياً ومصر كلها اشتراكية، فإنه من الطبيعي أن يستدير السوق إلي اليسار عندما يقوله له هؤلاء الوزراء الجهابذة»: «إلي اليمين در»!!