"كتب التاريخ التي يتم تدرسيها في المدارس الاسرائيلية للأطفال اليهود تعلمهم تبرير عمليات القتل وارتكاب المذابح بحق الفلسطينيين إذا كان ذلك يصب في مصلحة اسرائيل بل وتمجيد الجنود الاسرائيليين الذين يقومون بمهامهم".. كانت هذه هي النتيجة التي توصلت إليها معلمة يهودية تدعي نوريت بيليد الهنان بعد بحث تفصيلي أجرته علي الكتب الإسرائيلية وعرضته في محاضرة نظمها مركز اسرائيل فلسطين للأبحاث والمعلومات المعني بقضية السلام في الشرق الأوسط حصلت "روزاليوسف" علي تسجيل صوتي كامل لها. البحث الذي أجرته الأستاذة اليهودية شمل خمسة أو ستة كتب في الجغرافيا وعشرة في التاريخ يتم تدريسها منذ عام 1994 (بعد اتفاق أوسلو واعتراف الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بحق الآخر في إنشاء دولة) وحتي اليوم، وقالت الباحثة ان جميع الكتب التي يتم تدرسيها تقوم علي مبادئ مشتركة وهي مبادئ الصهيونية التي لا يمكن مناقشتها بل يتم عرضها كحقائق مسلم بها، مثل افتراضات تتعلق بالوجود اليهودي في أرض فلسطين ومعه حقائق معاداة السامية وكراهية العرب والتهديد الذي شكلوه علي اليهود والحقوق التاريخية لليهود في أرض فلسطين واسرائيل وهجر الفلسطينيين لأراضيهم وقراهم وتسمية الفلسطينيين ب"العرب" إذ لا تذكر كلمة "فلسطيني" سوي لتحديد عدو اسرائيل.. الارهابي الذي يهددها وبالطبع هذه التسمية مردها إلي رغبة دمج هؤلاء العرب (الفلسطينيين) في الدول العربية الأخري الكثيرة فالمقولة الصهيونية تقول إن العرب لديهم 21 دولة عربية ونحن لا نملك سوي دولة واحدة. وأضافت الباحثة الاسرائيلية ان الجزء الآخر الذي تتناوله الكتب كحقائق مسلم بها هو ماذا يمكن أن يحدث أو ماذا سيحدث في المستقبل، وهذا الجزء يتناول المشكلة الديموغرافية التي يشكلها الفلسطينيون علي اسرائيل والتي قد تتحول لتهديد ديموغرافي اذا لم تتم السيطرة عليها، وعلي نفس المنوال يصبح الفلسطينيون في الأراضي المحتلة مصدر تهديد دائم مما يتطلب أيضا السيطرة عليهم، ولهذا يصبح من الأفضل أن يكون اليهود أغلبية مسيطرة! وتشير الباحثة إلي احدي الصور في كتاب مدرسي لنماذج من سكان أرض اسرائيل والتي تظهر مهاجرين يهوداً جدداً أتوا منذ سنتين إلي أربع سنوات إلي اسرائيل وكأنهم أصبحوا السكان الطبيعيين، في حين أنه من المفترض أن تظهر الصورة السكان الأصليين للأرض. وتلفت الباحثة النظر إلي أن الكتب اليهودية لا تصور العرب أبدا كأناس طبيعيين مثل مهندس أو طبيب عربي وانما تظهرهم في الشكل النمطي للفلسطيني باعتباره مجرما أو متخلفا أو بدائيا، حتي ان احدي الصور تتناول الفلسطيني في رسم يعود للقرن التاسع عشر لأبطال قصص ألف ليلة وليلة، وهم ان ظهروا يظهرون بعلامات تميز هويتهم العربية مثل أن يمتطوا جمالا علي سبيل المثال. وتنقل بعض الكتب عن قادة صهاينة مثل اسحق اينشتاين الذي قال "اذا تجاهلت الصهيونية حاكمي الأرض (قاصدا العرب) فإن عمرها سيكون قصيرا"، بل ان أحد المؤلفين لم يخجل من نشر احصائيات عن أعداد السكان العرب واليهود قبل قيام اسرائيل لاظهار تناقص أعداد العرب بل انه كتب انه بحلول عام 1947 ستكون الأرض خالية من معظم قاطنيها العرب ولهذا لا داعي للقلق. أما بعد قيام اسرائيل، فتقول الباحثة اليهودية ان اسرائيل اعتبرت أن المنشآت العربية غير قانونية لأن معظم منازل العرب مبنية علي أراض زراعية وأراضي البلدية مما يعني أن اسرائيل هي التي تملكها، وبالطبع فان السلطات الاسرائيلية تمنع اصدار أي تصاريح بالتوسع في البناء لسكانها العرب.،وأضافت الباحثة ان الفلسطينيين أحيانا ما يتم اعتبارهم "أجانب" حسب تعبير بعض الكتب الاسرائيلية الذين يأتون لاسرائيل للعمل في وظائف غير مهنية يقبضون عليها رواتب صغيرة أقل من رواتب الاسرائيليين الذين يعملون نفس العمل مذكرة بأن هذا هو حال كل الدول المتقدمة. وسخرت الباحثة الاسرائيلية من تصوير المدن العربية كمستوطنات داخل الضفة الغربية التي تعتبرها الكتب جزءاً من اسرائيل مثلها مثل غزة والنقب والجولان بينما العرب مكانهم الأردن، في حين تناقش الكتب المدرسية مسألة اقامة دولة فلسطينية مستقلة باعتبارها "توجهاً" لبعض الاسرائيليين الذين يرون في ذلك حلا للصراع الذي تعيشه اسرائيل وليس باعتباره حقا للفلسطينيين. وتتناول الكتب ثلاث مذابح ارتكبها الاسرائيليون بحق الفلسطينيين هي دير ياسين وقبية وكفر قاسم، الا أن الكتب تبررها بالرجوع إلي تصريحات القيادات الاسرائيلية في ذلك الوقت وبالقول إن عمليات القتل هذه كانت عقابا لأفعال اقترفها فلسطينيون كما انها تقيس النتيجة النهائية للعملية فإذا كانت ايجابية للجانب الاسرائيلي فهي جيدة بغض النظر عن الآثار أو الألم أو المعاناة التي سببها هذا الفعل للجانب الآخر الفلسطيني. وتمجد الكتب أداء الجنود الإسرائيليين الشجعان الذين يرتكبون هذه المذابح بل وتكتب كلمات أغاني يهودية حماسية سادت شعبيتها عام 1948، بل وتحض الأطفال علي مناقشة كيفية تبرير هذه الأفعال.