يبدو رئيس حزب الوفد الجديد الدكتور السيد البدوي متحليا ًبالكثير من النشاط، والهمة، فهو يسعي إلي إعادة الوفد إلي مكانه الطبيعي، باعتباره الحزب الثاني في مصر، وأنا شخصياً لا أمانع لو تحول إلي الحزب الأول، إذا كانت هذه إرادة الجماهير في انتخابات حرة ونزيهة.. لكن تحركات البدوي تحتاج إلي الكثير من المراجعة. فحين يسعي البدوي إلي توسيع عضوية حزبه فهذا حقه وواجبه، وإذا قصر في هذا الواجب علي قيادات حزبه محاسبته، لكن السعي لزيادة عدد أعضاء الحزب، والوصول إلي شخصيات قادرة علي خوض الانتخابات البرلمانية يستدعي سؤالاً مهماً: هل كل من ضمهم البدوي لحزبه يؤمنون بمبادئ الوفد الليبرالية والمدنية العريقة؟ أم أن الحزب أغفل هذه الشروط في هوجة التقاط الصور الشخصية لرئيس الوفد وهو يقبل عضويات جديدة بداية من المذيعة نجوي إبراهيم مرورا بحارس مرمي الزمالك عبد الواحد السيد.. ولا نعرف من سيأتي بعد ذلك. ومن الملاحظات المهمة في هذا الصدد ما فعلته العضو الجديد سعاد صالح حين أفتت بعدم جواز ولاية المسيحي، وقالت إنها ستراجع ذلك مع رئيس الوفد لتنقية برنامج الحزب وأهدافه.. ثم عادت عن تصريحاتها التي صبت في صالح اليمين الديني الذي يبدو بمثل هذا الموقف وكأنه اخترق حزباً علمانياً ليبرالياً يؤمن بالدولة المدنية، وهو صاحب الشعار التاريخي "عاش الهلال مع الصليب". المفارقة الأخري هي اللقاء الذي جمع رئيس الوفد مع رئيس منظمة قبطية في الولاياتالمتحدة مايكل منير، وهي منظمة تبدو سياسيا في كتلة اليمين المسيحي، وإن لم تذهب إلي أقصي اليمين.. مما يشير إلي أن رئيس الوفد في مقابلاته والعضويات الجديدة لحزبه يتحرك علي أرضية سياسية واسعة تضم أشخاصاً هم بالضرورة ضد الفكر الوفدي التقليدي المستنير. ومثل هذا التوجه يبدو معه وكأن حزب الوفد أصبح شبيهاً، أو حتي يسير علي خطي الحزب الشيوعي السوفيتي القديم، الذي كان يضم كل ألوان الطيف السياسي، لأنه لم يكن مسموحاً لأي أطياف سياسية أخري التعبير عن نفسها في أحزاب شرعية. وقد علمتنا تجارب الأحزاب الكبيرة الفضفاضة المليئة بتيارات سياسية متناقضة أن مصيرها إلي التحلل من الداخل، ومن ثم التفكك في عدة أحزاب، كل حزب يعبر عن التيار السياسي الذي يؤمن بأفكاره الأساسية. وما يفعله البدوي ليست له علاقة لا بمبادئ الوفد، ولا بفكرة التعددية السياسية، وإنما هو إعادة انتاج للنظام السياسي الذي كان سائدا في مصر، من هيئة التحرير، إلي الاتحاد القومي، فالاتحاد الاشتراكي. وقد يكون البدوي لا يزال في أسابيعه الأولي رئيسا للوفد يشعر بالسعادة، لأنه يجلس علي نفس المقعد الذي سبقه إليه سعد زغلول ومصطفي النحاس، ومن ثم سيعود إلي الواقع ويدرك أهمية التاريخ والتراث الذي ورثه، لكن الخوف، كل الخوف، أن يستمر في توسعة الوفد بشكل غير منطقي حتي يقضي عليه.