رغم أن جلسة استئناف حكم حبس المحاميين المتهمين بالاعتداء علي مدير نيابة طنطا أمس شهدت انفراجة نسبية لأزمة القضاة والمحامين إلا أن تداعيات الازمة وتداخلاتها المتنوعة فرضت مجموعة من المستجدات أمام طرفي العدالة في الفترة المقبلة. تصعيد الأزمة وتهدئة التوتر بين الطرفين سيطرت عليه مجموعة من التدخلات السياسية والانتخابية وضحت في تعامل المحامين مع الأزمة خاصة أنه بدا عليه عدم التنسيق والتنظيم في ظل تحركات من النقيب حمدي خليفة واحتجاجات خارجة عن السيطرة في النقابات الفرعية بتوجيه من بعض الأطراف الانتخابية. ورغم هذه الاجواء المتعارضة إلا أن حمدي خليفة الذي انتقده المحامون واعتبروا أن أداءه وتعامله مع الأزمة دون المستوي المطلوب استطاع أن يخفف من احتقان المحامين وتهدئة الأجواء في النقابات الفرعية وكان أول المبشرين بانفراجة التوتر بين المحامين والقضاة في وقت يتبادل فيه الأطراف تصريحات حادة يصعب معها حديث المصالحة. أدار خليفة الأزمة دون أن يستجيب لضغوط من دوائر بالمحامين بضرورة الاستمرار في التصعيد بخطابات تدغدغ المشاعر وتؤثر في الرأي العام، واستطاع وقف حملة سحب الثقة التي كان يدعمها خصومه الانتخابيين من اليساريين والناصريين وبعض الإسلاميين والدليل أن منتصر الزيات عضو المجلس السابق أكد أن كل المحامين وراء المجلس ونقيبه بعد أيام من إعلانه عن حملة توقيعات لسحب الثقة من المجلس. اللافت في الأمر أن معظم أعضاء المجلس لم يظهروا مع خليفة في لقاءاته لاحتواء غضب المحامين باستثناء عمر هريدي أمين صندوق النقابة ومحمد طوسون مسئول ملف الإخوان بالنقابة الذي ظهر في الجولات الأخيرة مع خليفة كنوع من توظيف الأخير للتيارات السياسية بالنقابة في أزمته. حيث استفاد من حشدهم للمحامين في احتجاجات المحافظات، في حين حاولت الإخوان استقطاب الأزمة لصالحها وبدا ذلك في أن أغلب فريق الدفاع عن المجلس من أعضاء الإخوان. المثير أيضًا أن الذين أرادوا استثمار الأزمة انتخابيًا لم يظهروا في بدايتها وعندما بدأ خليفة في حصد نتائجها تدخلوا في أوساط المحامين وعلي رأس هؤلاء سامح عاشور النقيب السابق الذي أعلن بعد حكم حبس المحاميين أنه ملتزم بالتحرك الذي سيحدده المجلس لكن قبل يومين من جلسة الاستئناف أعلن عن مبادرة بعيدًا عن المجلس. وبعيدًا عن تفاصيل الأزمة ومسار الحل فيها فإن هناك مجموعة من الضروريات التي فرضتها علي المجلس أهمها سرعة التعامل مع الأعضاء المقيدين وغير المستغلين للمهنة وهم نسبة كبيرة في جدول النقابة، حيث يقدر عدد الممارسين للمهنة واقعيًا حوالي 150 ألف محام من 450 ألفًا هم إجمالي عدد المقيدين، إذ يمارس الباقي مهنًا وأعمالاً أخري بعيدًا عن المحاماة ويشكلون في نفس الوقت أوراق ضغط علي المجلس خاصة في الانتخابات والتصعيد المستمر لها. وظهر ذلك ممثلاً في واقعة دخول محام امتحان كلية الحقوق بجامعة بيروت بدلاً من ابن النقيب السابق سامح عاشور وقت أن كان علي رأس النقابة، هذا فضلاً عن حشد الإخوان العناصر من غير المشتغلين في الانتخابات ككتلة صامتة تحركها لصالحها. الجانب الآخر في الأزمة هو إدارة نادي القضاة للازمة دون أي بعد سياسي واجتماعي، إذ سيطرت لغة الحفاظ علي هيبة القضاة وحسم الأزمة بالقانون، وحاولت بعض الدوائر القضائية توظيفها انتخابيًا بدليل ما تردد عن أن المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة حاول الدعوة لانتخابات التجديد الثلثي للنادي المؤجلة من شهر فبراير في هذا التوقيت.