«الجدعنة» و«الشهامة» و«ابن البلد» مصطلحات تحمل معاني كثيرة ذات أصالة تطلق علي المواطن المصري الذي يقدس القيم والأخلاق خاصة في معاملاته مع الآخرين، لكن من المؤسف أن أقول إن هذه المصطلحات أصبحت لا تجد إلا القليل لكي تطلق عليهم، ولا أدري لماذا.. هل بسبب الضغوط المعيشية التي تفاقمت، أم بسبب الكثافة السكانية التي لا مثيل لها، أم لأسباب أخري لا أعلمها، لكنها تبقي من أكثر الأشياء التي يحزن علي فقدها أي مصري. تذكرت هذه المصطلحات قبل أيام عندما كنت أسير بشارع الكوثر المتفرع من شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين مصطحبا طفلة مريضة تطوعت لعلاجها بأحد المستشفيات وأثناء عبوري الشارع الذي كان ضيقًا للغاية بسبب السيارات المتوقفة والمركونة علي ضفتيه فوجئت بشاب «وسيم ومهندم» يقود سيارة مسرعة كادت أن تصدمنا فكان رد فعلي الذي اعتبره طبيعيًا وحتي أكون صريحا أن قمت بالضرب بيدي علي إحدي نوافذ السيارة التي تحمل رقم «ي ص م 238» ونزل منها الشاب «الوسيم» الذي لا يزيد عمره علي 27 عامًا ثم كان هو البادئ بالانفعال فقلت له أهذه الأخلاق التي نعلمكم إياها باعتباري أستاذًا جامعيا فبادرني علي الفور قائلاً.. أنت عارف بتكلم مين؟ قلت له: لا، فقال: أنا وكيل نيابة قلت له عذرك أقبح من ذنبك. والمصيبة أن يتعامل وكلاء النيابة بهذه الهمجية فكان رده قبل أن يتركني مندهشًا ثائرًا علي هذا الوضع غير الأخلاقي.. «أنت اللي ما بتفهمش إزاي تمشي في الشارع»! ما هي تلك السلطة التي تجعل وكيلا للنيابة يمارس مثل هذه الأمور علي غيره من المواطنين، مع العلم بأنني عندما تعرضت لهذه الواقعة لم أكن ألبس «زي رياضي» أو جلبابًا كما أن ذلك حدث معي وأنا أقود سيارة فارهة لدي سائق خاص وحارس شخصي وهذا يعني أنه لا يجد غضاضة في أن يهين شخصًا له وضع اجتماعي معتبر مثلي فما بالك سيادة النائب العام بما يحدث مع «الغلابة»!