أخيراً .. تفرش جنوب أفريقيا غدا البساط الأحمر للمنتخبات ال 32 الأفضل في العالم وستفتح ذراعيها للمشجعين القادمين من كل حدب وصوب، حيث تحط كأس العالم لأول مرة فوق التراب الأفريقي بملعب سوكر سيتي الذي تم تشييده حديثاً بمدينة جوهانسبورج. حيث سيلاقي غدا منتخب البلد المضيف نظيره المكسيكي في مباراة افتتاح أم البطولات علي أرضية هذا الصرح الرياضي الكبير، ستكون تلك اللحظة دون أدني شك مبعث فخر واعتزاز لأبناء مانديلا وباقي شعوب القارة السمراء قاطبة. وإذا كان بيليه قد خسر رهانه عندما توقع تتويجاً أفريقياً فوق منصة كأس العالم قبل نهاية القرن الماضي، فإن أبناء القارة السمراء يمنون النفس بأن تتحقق تنبؤات الجوهرة السوداء في نهائيات تتزامن مع أول مونديال علي أرض أفريقيا، إذ يري العديد من عشاق كرة القدم في بلاد مانديلا أنه من الواجب علي أحد الممثلين الستة بلوغ المربع الذهبي علي الأقل، حيث أكدوا مساندتهم اللامشروطة لكل المنتخبات الأفريقية المشاركة، وبالأخص كتيبة بافانا بافانا التي ستخوض غمار البطولة الغالية علي أرضها وبين جماهيرها. وبالنظر إلي تاريخ المشاركات الأفريقية في نهائيات أم البطولات، قد يبدو أن هذه الآمال والتطلعات بعيدة المنال بشكل لا غبار عليه، إذ يعد منتخبا الكاميرون والسنغال الفريقين الوحيدين من القارة السمراء اللذين بلغا ربع النهائي في دورة مونديالية، علماً أنه لم يسبق أن بلغ أكثر من فريق أفريقي واحد مرحلة خروج المغلوب في جميع النسخ العالمية الماضية، وبينما لا يتجادل اثنان في كون القارة أنجبت العديد من اللاعبين الذين يصنفون في خانة النجوم العالميين، إلا أن عدم انتظام مستوي المنتخبات الوطنية يبقي كعلامة استفهام حيرت جميع المتتبعين. وفي المقابل، عودتنا أفريقيا دائماً علي قلب الموازين ومخالفة التوقعات بفضل تفاؤل أبنائها وإصرارهم وعزيمتهم. وبالنسبة لنجوم اليوم، فإن الرهان الأكبر يتمثل في حمل تطلعات القارة بأكملها علي عواتقهم ورفع التحدي أمام عمالقة العالم. وبدوره، لم يخْفِ الأسطورة الغاني عبيدي بيليه تفاؤله بمستقبل الكرة الأفريقية، حيث ألمح لإمكانية فوز أحد ممثلي القارة السمراء في نهائي الأحلام يوم 11 يوليو 2010 - لكنه توخي الحذر في الوقت ذاته، مؤكداً أنه في بطولة بحجم المونديال وأمام قرعة غير رحيمة، قد يكون التأهل أهم بكثير من تقديم عرض كروي ينال إعجاب الجميع، حيث توقع نجم مرسيليا في سنوات التسعينيات أن "النهائيات ستكون في غاية الصعوبة للفرق الأفريقية." وأضاف بيليه، الذي سيتابع مسيرة ابنيه - أندريه ورحيم أيوه - مع منتخب النجوم السمراء في هذا العرس العالمي الذي تستضيفه بلاد قوس قزح: "لقد أوقعت القرعة منتخبات أفريقيا في مجموعات غاية في الصعوبة، ولن يكون من السهل عليها الخروج بسلام. هناك نظرية مفادها أن الوقت قد حان لكي يفوز فريق أفريقي باللقب الغالي، ربما يكون ذلك صحيحاً. لكن يجب علينا أن ننتظر لنري. وعلي أية حال، أعتقد أن منتخباتنا ستشرفنا أحسن تشريف بغض النظر عن النتائج." ويعد "بافانا بافانا" أحد المنتخبات الأفريقية التي تُعلَّق عليها آمال كبيرة للمضي قدماً في البطولة، إذ لم يخسر الفريق في 12 مباراة، مما يعني أن أصحاب الأرض قد بلغوا قمة عطائهم وجاهزيتهم في الوقت المناسب وتحت قيادة المايسترو البرازيلي كارلوس ألبيرتو باريرا، هذا وسيحظي أصحاب الضيافة بدعم جماهيري كبير داخل الملاعب وخارجها، إذ يري أسطورة كرة القدم الجنوب أفريقية لوكاس راديبي أنه بإمكان منتخب الأولاد بلوغ المربع الذهبي، مؤكداً في الوقت ذاته أن معيار النجاح الحقيقي لا يتمثل في قياس أبعد نقطة تبلغها منتخبات القارة السمراء. وتشارك القارة الأفريقية بستة منتخبات للمرة الأولي في تاريخ كأس العالم. ومن ضمن هذا السداسي، هناك عملاقان نائمان سيسعيان للتكشير عن أنيابهما عندما تدق ساعة الحقيقة، إذ سيخوض المنتخب الكاميروني سادس مونديال له، علماً أن الأسود غير المروضة لم تحقق أي شيء يذكر منذ إنجازها الخالد في نهائيات 1990. وعلي الطرف الآخر، يقف النيجيريون علي أحر من الجمر لإطلاق العنان لرابع مغامرة عالمية في تاريخهم، علماً بأن النسور الخضراء قد خيبت الآمال في العرس العالمي منذ أن بلغت ثمن نهائي دورتي الولاياتالمتحدة 1994 وفرنسا 1998 . لكن الجماهير الأفريقية تنظر لحظوظ نيجيريا والكاميرون بكثير من التحفظ، خاصة بعدما تعثرت النسور في أغلب المباريات التحضيرية قبل أن تتلقي صفعة قاسية بسبب الإصابة التي ألمت بقائد وسط الميدان جون أوبي مايكل، في حين جرت استعدادات الأسود في أجواء غريبة سادها الكثير من التشويش. وفي المقابل، تُعتبر الجزائر أضعف ممثل للقارة السمراء، نظرياً علي الأقل، لكن محاربي الصحراء أكدوا قوتهم الضاربة في مرحلة التصفيات وواصلوا مشوارهم بخطي ثابتة لاحتلال المركز الرابع في نهائيات كأس أمم أفريقيا. ويكمن القاسم المشترك بين جميع المنتخبات الأفريقية في صعوبة المجموعات التي ستلعب فيها، إذ وجد سفراء القارة السمراء أنفسهم إلي جانب منتخبات عملاقة، مما يجعل من الصعب ترشيح الأفارقة للمرور بسهولة إلي الدور الثاني. لكن ذلك لا يقلل من حظوظ أبناء القارة المستضيفة للمضي قدماً في العرس العالمي، لما يملكونه من مواهب وإمكانيات، إضافة إلي ما سيحظون به من دعم جماهيري ومساندة شعبية. وقد لخص الأسطورة الزامبي كالوشا بواليا الوضع السائد في أفريقيا بالقول: "إننا اليوم في وضع مختلف بل في وضع أفضل من الدورات السابقة، وأعتقد أننا مستعدون بشكل أفضل كذلك. إننا نتمتع بالثقة والتجربة اللازمتين، وأعتقد أن منتخباتنا تؤمن بقدرتها علي بلوغ المجد الكروي في هذا المستوي."