انزعجت الروائية نورا أمين من تساؤل الشاعر إبراهيم داود عن سبب ابتعادها عن الكتابة لسنوات طويلة، منذ إصدار مجموعتها القصصية "النصف الثالث" عام 2003، وذلك في الندوة التي عقدتها دار "ميريت" لمناقشة روايتها الجديدة "قبل الموت". إبراهيم داود تساءل عن سبب ابتعاد نورا عن الكتابة قائلا: "لا أعرف لماذا ابتعدت نورا لكن هذه العودة المتأخرة قدمت شيئا في هذ الرواية الجديدة، فهذا الحماس للعودة للكتابة أنتج عملا غريبا مليئا بمشاعر صادقة جديدة تستدعي لغة أقدم من لحظة الحكي، وقد قررت في هذا العمل أن تتعري وتتكلم عن كل شيء مرة واحدة، وكأنها تريد أن تتخلص من تجاربها ومشاعرها عن طريق هذه الكتابة، وكنت أتمني أن تستمر نورا في عفويتها وارتجالها الذين كتبت بهما في أعمالها السابقة، وأن تبتعد عن الكتابة بمنطق القصدية أو الإسراف في مشاهد الجسد أو الالتباس بين السيدات الثلاث داخل الرواية". وعلقت نورا أمين قائلة: "لا أشعر أنني انقطعت كثيرا عن الكتابة فقبل هذه الرواية كتبت في المسرح بالإضافة إلي أعمال لم أنشرها، وأنا قديمة في زمن جديد، وهذه رواية مبنية مثل العمارة أي تتمتع ببني مدروسة، والكثافة الشديدة التي تتمتع بها جاءت لكثافة الخبرات التي تمتعت بها والتي حاولت تجميعها في مساحة قليلة، وهذا ليس شيئا سهلا، الأمر تماما مثل إنسان وصل إلي حافة الموت فيحاول أن يقول كل ما مر به، وكل ما أريد". وأضافت: "أنا مؤمنة بالخلاص عن طريق الحب، وقد كتبت هذه الرواية ما بين ألمانيا ومصر وحينما بدأت الكتابة في ألمانيا بلغتي الفصحي وجدت أنني وقعت في إحساس الحنين إلي مصر رغم أن علاقتي بوطني لم تكن ملحة بشكل كبير". وقال الناقد محمد بدوي:" كانت نورا من الأصوات المبشرة جدا، في فترة التسعينيات ولها عالمها الخاص ولغتها وهمومها، وتميزت بهذا العالم الأصيل الذي لا يوجد فيه ادعاء أو موضة أو تطبيق لكلام نقاد أو حتي رغبة في اللحاق بالجوائز أو غيره، ووصف روايتها بال"غلسة" وال"صعبة"، حيث تساوي الكتابة فيها مطلب إنساني ووجودي للكاتبة، هذا المطلب لا يمكنها أن تستغني عنه، بل أحيانا تحاول أن تهرب من هذا المطلب وتعود إليه، الكتابة تمثل لديها حاجة وجودية، حيث تعتبرالمنطقة التي تستطيع أن تتكلم فيها كما تحب". وأضاف:" يوحي غلاف الرواية بأنها كتابة منغمسة في الجسد في حين أنها ليست ككتابة أحلام مستغانمي المزعجة أو كتابة فيرجينيا وولف التي تتعامل مع الانسان علي أنه كائن مخنث، وأراها أقرب إلي روايات هدي بركات التي تبحث في احتمالية الهوية الإنسانية حينما يقع الإنسان بين الذكورة والأنوثة والحديث والصمت وغيرها". تعامل بدوي مع الرواية بصفتها رواية هوية قائلا: "هذه الرواية تهتم بالجسد، كما تهتم بفكرة القرين أو المثيل، وهي الفكرة الموجودة في التراث العربي والإسلامي حينما يكون للإنسان قرين من الشياطين يحضه علي الفساد، وقد يتعامل أحد من فكرة القرين في الرواية علي أنها نوع من تعدد الهويات، والحقيقة أن نورا متعدددة الهويات فلها أكثر من لغة ونشاط وغيرها".