كانت سعادتي بالغة حينما توفر لسيادة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، نصف ساعة بدعوتي علي فنجان قهوة بمكتبه بدار القضاء العالي، مقر النائب العام ومكتبه الفني ومعاونيه. وكان ذلك اللقاء للحديث عن حائط صد متقدم عن الأمة ضد الفساد، والتسيب، والانحلال والغدر، ومواجهة الاغتصاب لحق من حقوق الشعب مهما كان حجمه أو مكانه أو فاعله. كان رأي كل من تابع نشاط النائب العام منذ تولي منصبه، شهادة للرجل ومعاونيه علي سرعة الأداء وتلبية ما في نفوس المصريين إزاء كل المصائب التي تحل بهم يومياً دون انتظار ودون استئذان. وبتواضع شديد من الرجل كانت إجاباته عن بعض الاستفسارات بأن الواجب والضمير لكل العاملين في هذا الجهاز الوطني، كل يؤدي نائباً عن الأمة وعن الناس بشكل مرضي للنفس ولله قبل أن يكون متوافقاً مع ميول سياسية أو إدارية أو لصالح فئة علي فئة أخري ولكن عمل بما يرضي الله. ولعل ما شدني في اللقاء عبر الحديث عن واجبات المنصب، هو ما قام به النائب العام نحو عبث كان سائداً في وثائق الزواج والطلاق والتي تحتفظ النيابة العامة بأصل من أصول هذه الوثائق منذ عام 1891 منذ إنشاء النيابة العامة في مصر وحتي اليوم. وبحث النائب العام عن وسيلة لحفظ هذه الوثائق وهي لابد أن تكون (أصلية) وليست صورة أو (فوتو إسكانر) علي كمبيوتر حيث أصل الوثيقة في هذا النوع من الوثائق تتعلق بجذور وذمم عائلات وإرث وغيره من الالتزامات الشرعية للزواج أو الطلاق . وقد كان - فقد طرح فكرة إنشاء (أرشيف مخزني) ووجد أن هذا سوف يتكلف فوق العشرين مليون جنيه. وإذ بأحد وكلائه يتحدث معه (محامي عام) بأنه يستطيع تنفيذ ذلك ذاتياً، تسجيلاً وحفظاً وأرشفة وقد كان. وإذ بكل «محامي عام» يقوم في دائرة مسئوليته بعمل الأرشيف الخاص بوثائقه التابع له وينهي قضية عبث في الوثائق المصرية المرتبطة بحياة الناس. ولعل فكرة المستشار عبد المجيد محمود نحو إنشاء مقر للنيابة العامة والملحقات الإدارية والفنية والاستشارية للنائب العام والتي خصص لها الوزير "أحمد المغربي" عشرين ألف متر بالقاهرة الجديدة وسعي النائب العام لتوفير الاعتمادات اللازمة لإنشاء مقر النائب العام المصري أو كما كنا نطلق عليه قديماً، "نائب عموم مصر". حيث وجود مقر محترم منفصل عن دار القضاء العالي للنيابة العامة وهي فرع رئيسي من منظومة العدالة والسلطة القضائية في مصر، إلا أن الشخصية الاعتبارية للنيابة العامة كمسئول عن ضمير الأمة والمواطن المصري يجعلنا شديدي الحرص علي أن تكون النيابة العامة والنائب العام مستقلين استقلالاً نهائياً عن أية سلطة في الوطن حيث كلما كانت النيابة العامة شفافة ومضيئة بالعدل اطمأن المصري علي مستقبله ومستقبل أولاده، واطمأن الوطن علي ألا ينتهب أو يغتصب في لحظة أو في ليلة سوداء !!