كشف د.حسن أبو طالب نائب مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورئيس تحرير التقرير الاستراتيجي العربي كثيرا من التناقضات التي تعانيها حركات الاسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط بدءا من حركة طالبان التي كافحت تجارة الافيون عندما كانت تحكم افغانستان وانتهاء بحركة حماس التي طالما زايدت علي السلطة الفلسطينية في مواقفها الرافضة لتوجيه ضربات لاسرائيل اثناء المفاوضات ثم ما لبثت ان عملت كخط دفاع أول عن اسرائيل بعد ان وصلت للحكم في قطاع غزة (بعد انقلاب عسكري) واشار ابو طالب إلي ان حماس التي تستخدمها إيران الآن في تعطيل المصالحة الفلسطينية كانت تتعمد افشال تحركات السلطة الفلسطينية وهي الآن تدخل في عداء مع التيارات الدينية المتنوعة في القطاع بسبب معارضتها لأي عمليات تستهدف اسرائيل.. نقاط اخري تتعلق بالتنظيمات الدينية في المنطقة تطرق اليها ابو طالب في حواره معنا.. وهذه تفاصيلها: هل تتفق مع من يقولون إن أمريكا هي صانعة الجماعات المتطرفة؟ - الأمر ليس بهذه الصورة المطلقة ففي الثمانينيات من القرن الماضي كانت هناك عمليات تصفية حسابات بين السوفييت والأمريكان الذين استطاعوا ان يخلقوا هذا التنظيم يشاركهم في الدعم باكستان وبعض الدول العربية لمواجهة التسلح العسكري السوفيتي، وذلك كجزء من الحرب الباردة بين القوتين وبالفعل مني السوفييت الهزيمة بفضل الدعم الأمريكي للقاعدة وبمجرد انتهاء الاحتلال السوفيتي اعتبرت الولاياتالمتحدة ان هدفها قد تحقق فتخلت عن تنظيم القاعدة. تعرض الحكومة الأفغانية من وقت لاخر علي طالبان المصالحة الوطنية والمشاركة في الحياة السياسية.. هل تتوقع مشاركتها بالفعل؟ - طالبان حركة كبيرة موجودة علي الارض وداخلها متنوع إلي حد كبير قبليا وعرقيا واعتقد ان طرح الحكومة علي طالبان المشاركة في الحكم هدفه القضاء علي هذا التنظيم لان انضمام عناصر من هذا التنظيم بلا شك سيعمل علي تقليل عدده وإضعافه وربما إلي انقسام في الحركة يفقدها الشعبية الواضحة وعندئذ يسهل القضاء عليها وهو ما تدركه طالبان جيدا وعلي اساسه لم تقبل هذه الدعوة حتي الان بل قابلتها باستخفاف لاسيما ان مثل هذه الدعوات تحتاج ما يمثل انقلابا فكريا لدي القيادات العليا للتنظيم، ويبدو ان طالبان مازالت متماسكة وبالتالي فان اختراقها سيكون صعبا. تقول ان طالبان مازالت متماسكة وقد مر علي الحرب ضدها ما يقرب من عشرة أعوام.. كيف صمدت وما هي مصادر دعمها؟ - هناك تمويل محلي للتنظيم عن طريق تجارة الأفيون والمخدرات.. والمفارقة هنا أنها تصدت لهذه التجارة بكل قوتها أثناء توليها الحكم ومنعت زراعة هذه المواد ثم تغاضت عنها مرة أخري لحاجتها إلي مصدر مالي كما ان هناك تعاطف بعض القبائل مع الحركة بدافع الولاء والإيمان ونكاية في القوات الأجنبية، أما التمويل الخارجي فمصدره بعض دول الجوار لكن حتي الان لم يتم ضبط الدلائل القوية التي تثبت تورط أي دولة لكن هناك تقارير تؤكد ان إيران تتغاضي عن امور تقوم بها طالبان علي الحدود معها كخروج ودخول المخدرات كما تتغاضي عن عمليات تقوم بها الحركة بالقرب منها مقابل عدم مساس طالبان من الشيعة الهزارة وذلك في شكل تبادل منافع ملحوظ. الولاياتالمتحدة مازالت هدفا للجماعات المتطرفة.. كيف تقرأ محاولة شاب مسلم تفجير احدي الطائرات الأمريكية؟ - نحن هنا أمام احد شباب يحمل الجنسية الأمريكية من ذوي الاصول الباكستانية يحصل علي دخل مادي مناسب ويتعامل كمواطن أمريكي إلي ان تعددت زياراته في السنتين الأخيرتين إلي مسقط رأسه باكستان وتقابل مع الشيخ انور العولقي الأمريكي ذي الأصول اليمنية وهو صاحب شخصية قادرة علي اقناع من يريد حتي تأثر بأفكاره وأخطرها أن الولاياتالمتحدة أساس الشر في العالم ويجب ضربها من الداخل وهذه وجهة نظر طالبان وتنظيم القاعدة. برأيك ماذا يعني التحول إلي هذا الأسلوب؟ - أولا هذه ليست المرة الاولي التي يتم فيها استقطاب عناصر من الداخل الأمريكي، ثانيا القاعدة اعلنت بنفسها عن أساليب جديدة ستنتهجها في التعامل مع الولاياتالمتحدة وسبب ذلك الفقر التنظيمي الذي أصابها وطالبان، حتي أن أهدافهم صارت مقصورة علي مجرد ال "شو" الإعلامي والفرقعة فحسب، وبالتالي لا يهمهم تدريب العناصر المنفذة لان مجرد ضبط محاولة تفجير وبثها علي مستوي العالم يعد نجاحا.. اضف إلي ذلك ان القاعدة وطالبان أصبحتا عاجزتين عن تجنيد أفراد كثر وهو مأزق يهوي بالتنظيم. لكن كيف كان التعامل الأمريكي مع طالبان باكستان حال نجاح عمليتها الأخيرة.. هل يمكن ان تتم تصفيتها عسكريا؟ - تصفية طالبان باكستان او أفغانستان عسكريا ليس امرا يسيرا لان هناك حالة من التداخل الشديد بين أعضاء التنظيمين وأبناء قبائل وأسر في كلا البلدين وبالتالي فان الحل العسكري لن يكون مجديا وقد يؤدي إلي اغتيال بعض القادة مثلا لكنه سيولد في المقابل مشاعر انتقام كبيرة لدي شريحة كبيرة من المواطنين وهذا يؤكد أهمية المواجهة الفكرية بكشف ان ما تقوم به العناصر المتطرفة لا علاقة له بالإسلام الوسطي، اضافة إلي مواجهة اخري تتعلق بالجانب الاقتصادي فلابد ان يشعر المواطنون ان الدولة تغنيهم عن الانضمام إلي مثل هذه الجماعات. كيف تنظر لمستقبل "القاعدة" في ظل تساقط رموزها؟ - مستقبلها بلا شك بدأ في الانهيار ودورها اخذ في الانحسار بعد ان اثبت فكرها انه لا يضمن الحياة بطريقة ايجابية ولا يقدم سوي المواجهة الدائمة مع غير المسلمين.. الآن أفكار القاعدة لم يعد لها بريق كما كان منذ عشر سنوات وما تقوم به الآن نستطيع ان نطلق عليه بقايا التنظيم. هل يمكن لها اختراق مصر في الوقت الحالي؟ - القاعدة لم تخترق مصر، بمعني انه لم يكن لها مناطق تخضع لها وخلايا منتشرة تتبع قيادة تنظيمية وتنفذ عمليات.. وأعتقد ان اختراق مصر من قبل أي جماعة متطرفة في السنوات الحالية مستحيل لقوة مؤسسات الدولة الأمنية.. والعمليات التي حدثت مؤخرا في الحسين وغيرها لا ترقي لدرجة الخطورة وهي واردة في أي دولة. قيادي بالقاعدة اتهم حزب الله بأنه يعوقها عن تنفيذ عمليات ضد إسرائيل.. ما رأيك؟ - هذا من باب المحاكة السياسية بين الجماعات الدينية فالقاعدة تحتفظ بموقف عدائي مذهبي ضد حزب الله وتكفره باعتباره شيعيا كما ان حزب الله حريص علي الا يتعاون مع أي من هذه الجماعات حيث حساباته الخاصة ورعاته سواء في سوريا او إيران وبالتالي لابد ان يكون هناك توافق في المصالح، وبخصوص مهاجمة القاعدة لإسرائيل والتي لم نرها حتي الان فان إسرائيل تسيطر علي حدودها بشكل كبير وهو ما جعل القاعدة تصرف النظر عن مهاجمتها من الداخل وعمدت إلي توجيه ضربات ضد المصالح اليهودية في افريقيا كما حدث في كينيا. هل يدخل اتهام بعض الجماعات الدينية في غزة لحماس بإعاقتها عن ضرب إسرائيل ضمن المحاكة السياسية.. وبم تفسر توقف الحركة عن اطلاق الصواريخ علي تل أبيب؟ - لا.. الأمر في غزة يختلف كثيرا فحماس أصبحت سلطة (شرعية كانت ام غير شرعية) لكنها موجودة بالفعل ولا تقوم بأي اعمال تثير غضب إسرائيل لانها تتعامل باعتبارها سلطة لديها مواطنون تخشي عليهم وهناك فارق كبير بين وضع حماس في السابق ووضعها الحالي والمفارقة العجيبة في هذا الأمر انها كانت تزايد علي السلطة الفلسطينية وقتما كانت بعيدة عن السلطة وكثيرا ما عطلت المصالح الفلسطينية بسبب صاروخين تطلقهما بدون هدف علي إسرائيل لكنها كانت تهدف فقط إلي مجرد افشال جهود السلطة الفلسطينية، أما وقد أصبحت حماس تمثل سلطة في القطاع صارت تمارس نفس الادوار التي مارستها السلطة الوطنية قبل ذلك وهي الآن تقف حائط صد للدفاع عن إسرائيل. متي تتوقف أيادي العبث الإيرانية في الشرق الأوسط؟ - إيران تحاول ان تجمع من الجماعات ما تجعلها اذرع لها في صراعها مع الولاياتالمتحدة والغرب ومن هذا المنطلق تدعم حركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان وبالتالي فان استمرار الوضع كما هو عليه الان هو الهدف الرئيسي لإيران حتي يمكنها الاستفادة لأطول فترة ممكنة من هذه الأذرع.