يثير المقال المنشور بالأمس في صحيفة (المصري اليوم) الخاصة، بقلم الدكتور سعدالدين إبراهيم، بعنوان: (هل لدي البرادعي الخطة ب؟)، يثير علامات استفهام كبيرة جداً حول الموقف الذي يتبناه شخص بمواصفات سعدالدين إبراهيم من ظاهرة الدكتور البرادعي برمتها.. ومن ثم فئة من السياسيين المصريين المعارضين الذين يجدون أن عليهم اقتداء التوجه الخاص بهم مما يقول ويتحرك به إبراهيم نفسه. المقال في حد ذاته يتميز بالمكر، وهو يتقمص دور الناصح المادح، غير أنه في ذات الوقت يوجه طعنات صريحة لما يمكن وصفه بأنه (مشروع البرادعي)، ويسحب عنه الإجماع بين المعارضين، ويكشف عن لغط في داخل هذا المعسكر الذي وجد البرادعي وقد جاء ليعتلي قمته.. ما أثار حفيظة وربما رفض عدد ملموس من المعارضين.. ينسحبون واحداً تلو آخر من الصف الذي كان يقول إنه وراء البرادعي. لقد ظهر سعدالدين إبراهيم في برنامج كريستيان أمانبرو علي محطة «سي. إن. إن» كما لو أنه يؤيد محمد البرادعي وتوجهاته، غير أنه في هذا المقال (بعد ثلاثة أيام من البرنامج) يوجه ضربات إلي جذور شخصية البرادعي وأفكاره.. حتي لو كان قد بدأ بأن قال: (إن البرادعي أعاد زرع الأمل في نفوس مصريين في أمريكا من أجل الإصلاح والتغيير في الوطن الأم). يدور مقال سعدالدين إبراهيم حول ما إذا كان لدي البرادعي خطة بديلة إذا ما فشل في الخطة الأصلية، وهي: محاولته تغيير الدستور، وقد طرح أحد القراء المعلقين بالأمس سؤالا ساخراً يقول: (وهل لديه أصلا خطة «أ»؟)، وبخلاف هذا العنوان الذي يطرح فيه سعد تساؤله العريض فإنه يسجل بين سطوره ما يلي من نقاط: * البرادعي متواضع وبسيط وعقلاني.. لكنه (لا يتمتع بأي شخصية كاريزمية ملهمة). * لم تكن كل إجابات البرادعي علي المصريين في الولاياتالمتحدة شافية لغليل من استمعوا إليه. * البرادعي لم يفصح لمستمعيه عن خطته البديلة، إما لأنها في طور الإعداد أو لأنها غير موجودة أصلاً. * بدأ البرادعي يضع شروطاً يطلب تنفيذها قبل أن ينزل إلي الساحة بكل ثقله. * يبدو البرادعي كما لو أنه يتبع منهج: (يا مين يجيب لي حبيبي).. (وتلك سخرية حادة جداً.. تمثل إهانة للبرادعي بالتأكيد). * الذين سمعوه قالوا إنه لم يلمس وجدانهم. * يتبني البرادعي لهجة حذرة.. وهو دبلوماسي لا ينفعل.. وليس سياسياً يغامر ويخاطر. * ليست لديه موارد وليس لديه تنظيم يمكن أن يحتشد خلف مطالبه. * هل هو أي البرادعي أهلٌ للتحديات والمسئوليات التي يتصدي لها؟ تسع نقاط كاملة، بعضها أبداه من قبل معلقون في مصر، لكن أن ترد في مقال لسعدالدين إبراهيم، خصوصاً بعد المواقف المختلفة التي تبناها من خرجوا علنا أو بالصمت من جمعية البرادعي، فإن هذا يعني أكثر من أمر: * كشف الدكتور سعدالدين إبراهيم ظهر البرادعي وبدأ في تسويق صورة عنه تقول إنه غير مؤهل للتحدي الكبير الذي اندفع إليه أو قفز عليه.. وأنه ليس فقط لا توجد لديه خطط بديلة وإنما غير مؤهل للفعل السياسي المؤثر من الأصل. * يبدو سعدالدين إبراهيم في حالة معاناة، عبر عنها آخرون قبله، قد يجوز وصفها بالغيرة السياسية، إذ إن هؤلاء يعتقدون أنهم قطعوا شوطاً في اتجاه العمل من أجل التغيير الذي يريدونه.. وناضلوا قبله بسنوات.. وأنه يقفز بمظلة فوق ما قاموا به.. وإذا كان البرادعي لن يترشح للرئاسة.. ويقول إنه يسعي من أجل التغيير.. فما الذي بقي إذن لسعدالدين إبراهيم الذي يتبني نفس الخطاب منذ سنوات؟ * تبني د.محمد البرادعي رسالة في غاية الخطورة حين قال في الولاياتالمتحدة: لا أدري لماذا تواصل الولاياتالمتحدة الصمت علي الأوضاع في مصر؟ موحياً بأنه يستحث واشنطن علي أن تتدخل في الشئون المصرية.. وهو منهج اتبعه من قبل سعدالدين إبراهيم.. ما يعني في تخيلي لتحليل سعد أنه لا يقفز فقط علي الساحة بمظلة وإنما يستولي علي أساليب سعد وينافسه فيها.. ويالها من منافسة. * يخشي سعدالدين إبراهيم أن تؤدي تحركات البرادعي إلي التأثير علي مصادر تمويل ودعم تصب مواردها في أنشطته.. أو أن يؤدي هذا التحرك من قبل البرادعي إلي تحول الأخير لأن يكون مقصد الساعيين الأمريكيين لتطبيق رؤية تلك المجموعة في مصر.. فينتفي عن سعد دوره.. ومن ثم فإنه يصف البرادعي بأنه دبلوماسي حذر، يخلو من الخبرة السياسية ولا يتمتع بالجاذبية الجماهيرية وليس لديه تنظيم. بالمجمل نحن أمام حالة انسحابات متوالية من وراء البرادعي في زمن قياسي، وأهمية موقف سعدالدين إبراهيم هي أنه يكشف عن اختلافات وانشقاق في الفريق المعارض ذي التوجهات الأمريكية، أو ربما كان السبب وراء هذا الموقف برمته أن الدكتور سعدالدين إبراهيم قدم عوناً للبرادعي في الولاياتالمتحدة لم يجد مقابلاً له.. أو اكتشف من خلال تحركاته أن عملية التسويق التي جرت خلال الأيام الأخيرة للبرادعي في الولاياتالمتحدة لم تؤت أكلها.. وأنه ليس مقنعاً علي المستويات المختلفة.. ومن ثم فإنه يكشف ظهره.. ويدق مسماراً جديداً في نعش الظاهرة. هذا المقال الذي كتبه سعد الدين إبراهيم له توابعه.. وتحليلي له سيكون له ما يليه. [email protected] www.abkamal.net