العلاقة بين المغتربين وأوطانهم الأصلية بها قدر من الالتباس. في داخل أسرنا هناك مغتربون، بعضهم يريد العودة لوطنه، وبعضهم لا يحمل نفس الحلم... ولكن العودة لها معان كثيرة، وقد يكون أحد معانيها هو التنمية. تقوم إدارة المغتربين العرب بالتعاون مع جمعية الصداقة العربية الألمانية ببرلين بتنفيذ مبادرة مشتركة، جديدة، ولافتة، وشيقة، وقد تمثل في ذاتها نموذجا يمكن محاكاته في المستقبل. تقوم المبادرة علي نقل خبرات سيدات الأعمال من أصل عربي بألمانيا إلي نظيراتهن المصريات في مجال المشروعات الصغيرة. وهناك عدة صور لنقل الخبرة ما بين ورش تدريبية، ونشرة صحفية، وموقع الكتروني، وفيلم تسجيلي، فضلا عن زيارة السيدات العربيات من ألمانيا لبعض المشروعات الصغيرة التي تمتلكها نساء بهدف التشاور معهن. ويشمل المشروع أيضا إتاحة معرفة الوضع الاقتصادي وفرص الاستثمار في مصر أمام السيدات العربيات من ألمانيا من خلال سيمنار اقتصادي، وزيارات لجمعيات رجال الأعمال، والغرف التجارية. اليوم الخميس تختتم الزيارة الأولي التي قام بها عشر سيدات أعمال من أصل عربي من ألمانيا إلي القاهرةوالإسكندرية بهدف نقل خبراتهن في مجال إدارة المشروعات الصغيرة إلي السيدات المصريات. بدأت الزيارة بدورة تدريب لمتدربين ومتدربات مصريين بلغوا نحو سبعين شخصا من مختلف بقاع مصر، نظمتها جمعية حواء المستقبل برئاسة الدكتورة إقبال السمالوطي، وخلال الدورة تفاعل المشاركون مع السيدات العربيات من ألمانيا حول سبل إدارة المشروع الاقتصادي الصغير الناجح، وكيفية التسويق، وإدارة الوقت وفريق العمل، ومواجهة التحديات. هؤلاء المدربون سوف ينقلون خبراتهم إلي النساء المصريات ممن يمتلكن مشروعات صغيرة في الريف والمدينة. وعقب التدريب انتقلت سيدات الأعمال القادمات من ألمانيا إلي الإسكندرية حيث عقدت إدارة المغتربين بالجامعة العربية بالتعاون مع منتدي الحوار بمكتبة الإسكندرية ندوة لمدة يوم واحد، شارك فيها عدد من الخبراء الاقتصاديين، وتناولت فرص الاستثمار في مصر وبقية الدول العربية، والتحديات التي لا تزال تعترض طريق المستثمرين. خبرة ثرية، شاركت فيها النساء العربيات القادمات من ألمانيا، مع خبراء مصريين في مناخ من التفاعل البناء بمكتبة الإسكندرية. وشملت رحلة سيدات الأعمال العربيات من ألمانيا زيارات لجمعية رجال الأعمال بالإسكندرية، ومشروعات متنوعة صغيرة، ثم عودة إلي القاهرة وإجراء لقاءات مماثلة سواء مع جمعيات رجال أعمال، أو مشروعات صغيرة. هذا المشروع برمته يأتي في إطار مبادرة أكبر تتبناها الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وغرضها هو تشجيع المهاجرين المستقرين في البلدان المتقدمة من إفادة مجتمعاتهم الأصلية بالمهارات والخبرات والاستثمار بهدف تحقيق التنمية. بالطبع نشكو كثيرا من هجرة الكفاءات والعقول، ونشكو أكثر من أن الأموال العربية تجد طريقا للاستثمار في الدول الغربية أكثر منها في العالم العربي، ولكن ما أريد أن أستخلصه من هذا المشروع أن بالإمكان تحقيق التواصل بين المهاجرين ومجتمعاتهم الأصلية، بين من توافرت لديهم مهارات ومعارف، وبين من لا يزالون بحاجة إلي مهارات ومعارف. إنه الجسر الذي نريد أن نبنيه، ومن هنا لم يكن غريبا أن يكون "جسور" هو عنوان النشرة الصحفية التي صدرت بمناسبة هذا المشروع عن إدارة المغتربين بجامعة الدول العربية، وهي تجسد حلم التواصل مع المغترب والمغتربة العربية، ليس فقط بهدف الحفاظ علي الهوية، ولكن من أجل التنمية المشتركة، والحرص علي التفاعل الايجابي، هنا ستكون الهجرة والتنمية متلازمتين، وليستا متفرقين.