سؤال في غاية الأهمية تطرحه الظروف واحوال الناس، هل نجحت تجربة الكادر في مواجهة ارتفاع الأسعار ومطالب الحياة، لكن الواضح حتي الآن من نموذج كادر المعلمين أنه فاشل للغاية فالمدرسون لا يزالون يشتكون والدروس الخصوصية تزيد واسعارها تتضاعف ولا تقل كما كان يتصور البعض. وبالتالي فحتي الأطباء الذين كانوا احدث المستفيدين من نظرية الكوادر بزيادة 50 مليون جنيه في رواتبهم لايزالون يعانون واجمالا هل أتت المراحل التي تم تطبيقها حتي الآن من نظام الكادر بنتائجه المرجوة ؟!... الإجابة لا تزال محل شك وتحتاج إلي مراجعة العديد من جوانبها، إذ من المفترض أن يحقق نظام الكادر للعاملين بالحكومة إلي جانب فئات القضاة والدبلوماسيين والهيئات العلمية والمعلمين مزايا مادية وأدبية لهذه الفئات بما يساعد في الارتقاء بالمهام الموكلة بهم لكن قياسا علي الفئة الأخيرة.. ونقصد المعلمين.. نجد أن تطبيق الكادر جاء ليحقق مطالب أكثر من مليون معلم وتم تطبيق مرحلتين منه حتي الآن : الأولي كلفت الدولة ما يقرب من مليار و33 مليون جنيه، والثانية 3.5 مليار جنيه، إذ كان الهدف من الكادر الارتقاء بالعملية التعليمية ورفع مستوي المعلم والقضاء علي الدروس الخصوصية. وبعد ثلاث سنوات من تنفيذه بدأ الوضع، وكأن شيئا لم يحدث، واستفاد من المزايا المادية إلي جانب المعلم، العاملون بالمحليات، إذ زاد حافز الإثابة بالنسبة لهم من 25% إلي 75%، أي بزيادة 50% من الأجر الأساسي.. وهؤلاء العاملون يتجاوزون مليوني موظف. يقول د. سمير عبد الوهاب أستاذ الإدارة بجامعة القاهرة إن الزيادة المادية في كادر المعلمين لم تحقق الهدف الأساسي الذي أعدت من أجله، وهو القضاء علي الدروس الخصوصية.. فالمعلم لم ينظر إلي هذه الزيادة مطلقا سواء في المرحلة الأولي أو الثانية، لأن عائد الكادر بالمئات، لكن الدروس الخصوصية تدر عليه مبالغ بآلاف الجنيهات شهريا.. والرهان الآن - بحسب عبد الوهاب - هو ظهور أجيال جديدة من المعلمين يكون الكادر بالنسبة لهم كأنه ميثاق شرف لعمل المعلم بعد ذلك ؟ د. مجدي قاسم - رئيس هيئة جودة التعليم والاعتماد أشار إلي أن كادر المعلمين لم يكافئ المعلم المتميز، بل ساوي بين الكفء وغير الكفء، والمطلوب في المرحلة المقبلة وضع حوافز للمعلمين المتميزين ووضع معايير للنهوض بالتنمية المهنية للمعلم، متابعا : صحيح أن المعلم تحسن وضعه ماديا، لكن بشكل مرحلي، لكن (رأس الكادر) أو الأساس فيه هو تحسن الأداء التعليمي.. وهذا لم يحدث خلال السنوات الثلاث الماضية. بينما يري قاسم أن كدر المعلمين لم يعالج قضية الدروس الخصوصية، وأن الأسرة المصرية مازالت تتكبد سنوياً الكثير من تكاليفها، أوضح د. أشرف عبد الوهاب مساعد وزير التنمية الإدارية أن الكادر بعد إعداده وأثناء مناقشته بمجلس الشعب صادف اعتراضا من النواب ومسئولي النقابة عند وضع مادة تجعل المعلم مخيرا بين زيادة الكادر والابتعاد عن الدروس الخصوصية، أو أن يحصل علي إجازة ويتفرغ لهذه الدروس.. وانتهي هذا الاقتراح بالرفض آنذاك ! ويضيف عبد الوهاب: الوضع التعليمي كان خاطئا خلال السنوات الأخيرة، لأن المعلم يعتمد علي تلقين الطلاب وليس بناء القدرات والمفاضلة في طرق الشرح وتوصيل المعلومة. وهذه المنظومة لن تتغير بين يوم وليلة.. بل تحتاج إلي وقت طويل للرجوع بعصر التعليم إلي سابق عهده، خاصة أن لدينا الكفاءات من المعلمين والتلاميذ الأذكياء، لكن ينقصنا تطبيق منظومة صحيحة تنهض بالعملية التعليمية.