تدني مستوي الحوار في التليفزيونات العربية وغياب فضيلة الإنصات في دراسة أكاديمية انتهي صاحبها إلي أن 70% من العرب المشاركين في البرامج الحوارية التليفزيونية لا يتحلون بآداب المقاطعة والحوار كترديد كلمات تنم عن لباقة في الحوار عندما يضطرون إلي مقاطعة محدثهم هذه الدراسة الحديثة أعدها الكاتب الكويتي الأستاذ محمد النغيمشي والذي أفادت الدراسة التي أجراها مؤخراً في كتاب صدر له أن الرجال هم الأكثر في المقاطعة بنسبة 88% مقابل نسبة 53% للنساء. كما توصل الباحث أيضا إلي أن 82% من النواب والوزراء يبدون غضباً وامتعاضاً لفظياً عندما يقطع عليهم أحد حديثهم وذلك بالتفوه بكلمات وعبارات استياء بينما يتعرض 67% من المتحدثين في البرلمان لمقاطعة حديثهم وأن تدني الحوار في التليفزيونات العربية والقنوات الفضائية وغياب الإنصات أكثر سبباً للمقاطعة هو الرغبة الملحة في طرح سؤال. ويري الباحث أن مشكلة الحوار تبدأ من المنزل والمدرسة ثم نجد نتائجها السلبية في العمل وعلي شاشات التليفزيون. ويطرح الباحث في كتابه الذي عنوانه «لا تقاطعني» وهو أول كتاب عربي متخصص يناقش قضية مقاطعة المتحدثين في أثناء الحوار موضحاً أن هذه الدراسة التي أعدها مع رئيس قسم الإعلام في جامعة الكويت الدكتور يوسف الفيلكاوي والتي كانت تحت عنوان سلوك مقاطعة المتحدثين في البرامج الحوارية التليفزيونية العربية ومجلس الأمة في الكويت يطرح الكتاب عدة نصائح وحلول عملية للتعامل مع المقاطعات الحوارية حيث يقدم للمتحاورين خريطة طريق تهديهم إلي وسيلة الاستمتاع بحوار صحي ومفيد وخال من المقاطعات. بقي أن تعرف أن مؤلف الكتاب والباحث في الدراسة هو رجل متخصص في الإدارة وعضو في جمعية تسمي «جمعية الإنصات الدولية» وخلاصة هذه الدراسة وهذا الكتاب الذي صدر في معرض الكتاب الكويتي عن دار نشر «اقرأ» أنها تفتح المجال لحوار حقيقي ومتعمق لآداب الحوار عموماً ليس فقط في البرامج الحوارية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أو البرلمانات والمجالس النيابية والشعبية في الدول العربية، وإنما الحوار بصفة عامة لأن الحوار، كما ذهب الباحث في كتابه يبدأ من المنزل، وفي الأسرة مما يقتضي المراجعة في كيف نتحاور مع أولادنا وكيف يتحاورون هم مع بعضهم البعض ومع زملائهم وأقرانهم في المدرسة والجامعة والنادي والشارع والمحلات العامة وكيف يتحاور الطالب مع معلمه والمرءوس مع رئيسه والعامل مع رب العمل والنائب في البرلمان والمحامي في المحكمة ورجل الدين في مسجده أو كنيسته. ولكن يبقي الأساس في لغة الحوار السليم الذي نسلم معه من المقاطعة التي قد تصل أحيانا إلي خلاف وانفعال وغضب ينتهي أحيانا إلي مشادات ومشاحنات واعتداءات لفظية وربما جسدية!! وكثير من البرلمانات في العالم شهدت وقائع سب وقذف وضرب وإتلاف من أجل حوار لم يكتمل أو مقاطعة لم تكن في موضعها وللأسف إن الأمر قد انتقل إلي وسائل الإعلام والبرامج الحوارية في التليفزيونات والفضائيات العربية بل وصل الأمر إلي حد العمد من الحقد أو المذيع في الوصول بالحوار بين ضيوفه من دائرة النقاش الهادئ والهادف والمفيد إلي حد التشابك اللفظي وكم من وقائع جرت علي الهواء مباشرة من ضيوف تجاوزوا لغة الحوار وهبطوا به إلي أدني مستوياته لأنهم لا يتحلون بآداب الحوار فهل تفتح هذه الدراسة باباً لمناقشة هادئة يتولاها وزراء الإعلام العرب والأدباء والمثقفون العرب ليضعوا لنا ولوسائل إعلامنا ميثاقاً لشرف الحوار. إنها دراسة مهمة لموضوع مهم.