الذي ننتظره من شيخ الأزهر الجديد ألا يسامح، ولا يهادن، ننتظر أن ينهض بالسنة بعد قعودهم 800 عام تسامحًا وتقريبًا. التسامح المذهبي خطيئة سنية، رغبة «التقريب» كانت الباب المفتوح ل«موبقات» رمي بها الشيعة في صحن الإسلام. تاريخيا عرف «التسامح السني» ب«القعود»، وعرف السنة ب«المرجئة» بعدما توقفوا عن الاتهامات الفكرية للمتلاعبين بالعقيدة، موكلين حسابهم إلي الله يوم القيامة. لم يكن القعود حلاً ولا كان التسامح فريضة، فالشيعة الذين حاول السنة التقارب معهم من مصر حبًا في دين الله، قلبوا الطاولات علي العقيدة من «قم» حباً في أهواء المرجعيات، ورغبات توسع امبراطورية فارسية. ليست إملاءات للدس بين المسلمين، ولا محاولة للاصطياد في الماء العكر كما يفضل البعض أن يعتقد، ترجمة الواقع لنظريات، وتحليل مضمونه لا هي مخططات ولا هي محاولات تفريق، والذين يقولون هذا يرون القشة في أعين الآخرين، ولا يرون الخشبة في أعينهم. المذهب الشيعي بدأ سياسة، واستمر هكذا، والسنة الذين أغلقوا الغرف علي أنفسهم، واعتكفوا للدرس والحديث وتفسير كتاب الله، لم يستطيعوا الدفاع عن العقيدة، ولا الحديث، ولا نفضوا ما أدخله الشيعة علي كتاب الله. اعتقد السنة أن «القعود» سماحة، والتقريب بين المذاهب إحسان، ظنوا أن السياسة رجس، والفلسفة بدع، في الوقت نفسه خرج منهم من ينادي بالتقريب مع مذاهب سيست العقيدة، و«ادلجت» الدين، فلانت قلوب السنة، وقست قلوب الآخرين. «قعد» السنة عن فحص «الحديث النبوي»، فلعب به الشيعة، قعد السنة عن نفض ما أدخله الشيعة من التراب علي السيرة، فزادها الشيعة ترابًا. قعد السنة عن «الفلسفة»، فتفلسف الآخرون ورفعوا النبي عن مرتبة البشر، ووضعوا أهل بيته في مرتبة النبوة، ثم أدخلوا كل هذا مضمار السياسة. حتي الآن لم يبق من فكر التقريب بين المذاهب غير استضافة الشيخ محمود عاشور أو د. علي السمان من آن لآخر في الفضائيات. التسامح لم يعد له مكان في عالم تغير فيه الإسلام من مصر لليمن، ومن أندونيسيا لإيران، السنة أوكلوا حل الخلاف المذهبي ل«الله يوم القيامة»، فيما أوكل الشيعة حل المعضلة ل«مجلس تشخيص مصلحة» النظام في إيران.