محافظ مطروح: تقديم كل التيسيرات والإمكانات والجهود لتفعيل مبادرة "بداية"    الرئيس السيسي: تماسك ووحدة الشعب يمثلان محور الارتكاز والحماية الاستراتيجي للدولة المصرية    جالانت: سنستخدم كل الوسائل «جوًا وبحرًا وبرًا» لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم    عاجل - إصابة جندي إسرائيلي في غزة.. وسقوط صواريخ على حيفا المحتلة    انخفاض طفيف في درجات الحرارة وأمطار متوقعة.. توقعات الطقس غدًا الثلاثاء 1 أكتوبر 2024    الخدش خارج السطح.. إليك كل ما تحتاج معرفته حول التهاب الجلد التحسسي    «الزراعة» تتعاون مع البنك الزراعي وشركة MAFI لتمويل الزراعات التعاقدية    جيش الاحتلال يشن عمليات برية صغيرة داخل الأراضي اللبنانية    وول ستريت جورنال تتحدث عن استراتيجية جديدة لإسرائيل في لبنان    من هو جيفرسون كوستا صفقة الزمالك الجديدة؟    شقيقة صلاح تكشف فريقه المفضل في مصر وسر احتفال القوس والسهم    بث مباشر مباراة أهلي جدة والوصل في دوري أبطال آسيا (لحظة بلحظة) | التشكيل    ضمن مبادرة بداية جديدة.. إطلاق قافلة خدمية شاملة بمدينة النجيلة في مطروح    محافظة الدقهلية تعلن تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزل    تفاصيل التحقيق في واقعة التحرش بسودانية في السيدة زينب    «نصبوا عليا وابتزوني».. ننشر نص أقوال مؤمن زكريا في واقعة أعمال السحر بالمقابر    ورش لصناعة الأراجوز ضمن مبادرة «بداية» بالمنيا    إعلام فلسطيني: شهيد في قصف للاحتلال استهدف منزلا في خان يونس جنوب قطاع غزة    جامعة قناة السويس تُنظم لقاءات تعريفية لطلاب الآداب طب الأسنان والصيدلة والهندسة    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    «كونشيرتو البحر الأحمر» في افتتاح ملتقى «أفلام المحاولة» بقصر السينما    6 أكتوبر.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح المصري    إنشاء قاعدة بيانات موحدة تضم الجمعيات الأهلية بالدقهلية    متاحف الثقافة ومسارحها مجانًا الأحد القادم    الكشف على 351 حالة بقافلة الهلال الأحمر في المنوفية    ننشر التحقيقات مع تشكيل عصابي من 10 أشخاص لسرقة السيارات وتقطيعها بالقاهرة    برلمانية: هل سيتم مراعاة الدعم النقدي بما يتماشى مع زيادة أسعار السلع سنويًا والتضخم؟    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة، لغداء شهي ومفيد    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    مجلس النواب يبدأ دور الانعقاد الخامس والأخير و 5 ملفات ضمن الاجندة التشريعية    محافظ الشرقية يُناشد المزارعين باستثمار المخلفات الزراعية.. اعرف التفاصيل    الإدارية العليا: وجوب قطع المرافق في البناء المخالف والتحفظ على الأدوات    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    «أوقاف مطروح» تكرم 200 طفل من حفظة القرآن الكريم في مدينة النجيلة (صور)    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    المصرية لصناعة الرخام: المجمعات الصناعية بالمحافظات تساهم في الاستغلال الأمثل للخامات الطبيعية    احتفالاً بذكرى انتصارات أكتوبر.. فتح جميع المتاحف والمسارح مجانًا للجمهور    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    فريق هاريس يتودد للجمهوريين لكسب تأييدهم للمرشحة الديمقراطية بانتخابات أمريكا    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شروط موضوعية لتداول السلطة في مصر!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 26 - 03 - 2010

الإصرار علي تسويق فكرة التغيير في مصر عبر تعديل المادة 76 من الدستور كبداية أساسية ووحيدة يعني وببساطة أن من يتبنون هذا التصور يعانون من قصور شديد في فهم المعني الحقيقي لمبدأ تداول السلطة، ذلك أنهم دأبوا منذ لحظة إجراء التعديلات الدستورية في عام 2005 علي تشكيل جمعيات وجبهات قصرت دعواتها علي تغيير هذه المادة لفتح الباب علي مصراعيه دون رابط أو ضابط للمرشحين المستقلين لمقعد الرئاسة.
وتجاهلوا عن عمد - ولا أريد القول عن جهل - أن مبدأ تداول السلطة لا يتحقق إلا بين قوي سياسية تعكس مصالح اجتماعية واقتصادية مختلفة، وتعبر عن هذه القوي أحزاب وكيانات سياسية يحمل كل منها مرجعيته الفكرية والاجتماعية فيما يتضاءل نشاط المستقلين خاصة إذا تعلق الأمر بانتخابات الرئاسة وهو الحاصل فعلياً في معظم التجارب الديمقراطية بعالمنا المعاصر، ذلك أن هذا المنصب الرفيع يحتاج لبرنامج انتخابي مؤسسي لا برنامج يعبر عن وجهة نظر فرد واحد، وإن كان من المقبول زيادة نسبية في حجم المستقلين عندما يتعلق الأمر بانتخابات برلمانية أو محلية.
ومن هنا يبدو تركيز جمعية البرادعي علي تعديل المادة 76 رغبة محمومة لتكريس ظاهرة المستقلين التي إن قويت تقضي تماماً علي مبدأ تداول السلطة، كما نعرفه من أدبيات علوم السياسة، ويصبح البرادعي ومنسق حملته أستاذ العلوم السياسية د. حسن نافعة في موقع من يريد وضع مفاهيم ومبادئ غريبة أقل ما توصف به أنها مجرد "افتكاسات" سياسية.
وبعيداً عن البرادعي ومشجعيه لابد أن تعمل الأحزاب السياسية المعارضة علي تقوية ذاتها وهياكلها الداخلية، وتطوير برامجها كي تستطيع الاستفادة أولاً من المناخ السياسي العام الذي يشهد حراكاً منذ عام 2005 ، وثانياً من القواعد الدستورية والمبادئ القانونية التي أسست لوجودها، بل نظمت عملية دخولها في التنافس للوصول إلي السلطة.
وإذا كان النظام السياسي في مصر قد ارتضي لنفسه حسبما أري مسار الليبرالية بما تحمله من معاني التعددية وتداول السلطة أولاً بتخلي الدولة عن امتلاك أدوات الاقتصاد، وثانياً بجملة الإصلاحات السياسية التي أرست دستورياً قواعد التداول عبر المادة 76 التي جعلت انتقال السلطة من حزب لحزب أمراً واقعياً، إلا أن ذلك الواقع يقتضي تحقيق مجموعة من الاشتراطات والالتزامات التي ينبغي أن تأخذ بها المكونات الرئيسية للنظام السياسي وفي مقدمتها الأحزاب السياسية.
فقد بدا أن التزام النظام السياسي باتخاذ خطوات فاعلة نحو مسار الليبرالية وتداول السلطة قابله شبه غياب تام لتلك الالتزامات والاشتراطات، فبينما دأب الخطاب العام للأحزاب المعارضة علي المناداة بتناوب السلطة مع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، كرست لوائحها الداخلية وأداءها الحزبي، علاوة علي بنيتها الهيكلية، لاستبداد قياداتها بالقرار السياسي، بل للبقاء علي رءوس أحزابهم قدر استطاعتهم إضافة لإهمالها تجديد البنية القاعدية لأعضائها، فضلاً عن إهمال برامج التدريب والتثقيف السياسي لكوادرها، وهو ما أثر علي مصداقية المطالبة بمبدأ تداول السلطة طبقاً لقاعدة فاقد الشيء لا يعطيه.
إلي ذلك عجزت برامج معظم تلك الأحزاب عن الاستجابة لمطالبات الواقع المحلي والإقليمي والدولي التي تتجدد بمرور السنين، حيث بقيت لا تراوح أيديولوجيتها الأساسية التي صيغت بناء عليها لحظة تأسيسها مع ملاحظة أن معظم الأحزاب المعارضة الكبيرة منها علي الأقل قد تبنت مرجعيات يسارية وأعني هنا حزبي التجمع والناصري ذلك أن برنامج كليهما يرتكز إلي أيديولوجية وتجربة ماضوية.
ويكفي استمرار حديث هذا التيار عن اقتصاد الدولة، الأمر الذي يشكل إيمانهم الحقيقي بالليبرالية السياسية التي تشترط الليبرالية الاقتصادية، وحتي الآن يفتقد هذا التيار معالجة موضوعية وواقعية لهذا التناقض الأساسي، وقد يكون من المناسب الآن الاجتهاد في تقديم تصور معاصر يضمن حماية الاقتصاد الحر ورأس المال الخاص حالة وصول مثل هذه الأحزاب إلي رأس السلطة.
يشار في هذا السياق إلي أن الأحزاب ذات التوجه الليبرالي قد نشأ معظمها الصغير منها والكبير بعد عام 2000 باستثناء حزب الوفد. وتشترك هذه الأحزاب مع غيرها من ذات التوجه اليساري في امتلاك لوائح داخلية تكرس لاستبداد رئيس الحزب، ولعله من الضروري أيضاً أن تراجع كل الأحزاب لوائحها الداخلية التي تنظم هياكلها وبناها التنظيمية. أيضاً ذهبت معظم هذه الأحزاب في معارضتها لاتفاقية "كامب ديفيد" إلي حد المطالبة بضرورة الغائها. وهو ما يعني بالضرورة وضع البلد في احتمالات الدخول في حرب، ورأيي أن البرنامج الحزبي الذي يريد مصر دولة ديمقراطية لابد وأن يقر بالسلام والتعايش السلمي كمبدأ أساسي في العلاقات الدولية ذلك أن النظم الديمقراطية وحدها من يعترف بالسلام كمدخل لاستقرار الشعوب وتنميتها، وكمدخل لحل أي نزاع أو صراع حيث تحكمها في الأساس مصلحة شعوبها لإدراكها أن صوت الديمقراطية والتنمية يعلو دائماً علي صوت المعركة، وفي المقابل النظم الاستبدادية والشمولية وحدها من تناقض السلام وترفع صوت المعركة علي كل الأولويات الوطنية. إلي جانب ذلك كله عانت غالبية أحزاب المعارضة من صراعات داخلية كان بعضها دموياً أدت إلي شروخ عميقة عملت علي إقصاء قدر لابأس به من كوادرها وقياداتها الفاعلة.
وقد أدي كل ذلك وغيره إلي ضعف جماهيريتها وهو ما جعلها منافساً غير متكافئ سواء في الانتخابات البرلمانية والمحلية أو في أول انتخابات رئاسية شهدتها نهاية عام 2005. إن المعركة الأساسية للأحزاب تكمن في التنافس في الوصول إلي السلطة وفي المقابل إذا سأل سائل عن موقع الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم من كل ذلك فيكفي أن أقول إنه الحزب الذي أقرت أغلبيته البرلمانية خطوات تحرير الاقتصاد بما تعنيه من خلق فضاءات سياسية جديدة ومنافسة تعبر عن مصالح القطاع الخاص بل وتصويتها لصالح القوانين والتعديلات الدستورية الواسعة التي رسخت للتجربة الحزبية والتعددية السياسية، بل إن زعيمه ورئيس الجمهورية هو من ارسي دستورياً قاعدة انتخاب رئيس الجمهورية بين أكثر من مرشح رئاسي..وعلي أية حالة فإن كان الحزب الوطني بحاجة إلي مزيد من الإصلاح الداخلي كان ذلك يتأتي وفقط في سياق مناخ سياسي قائم علي التنافسية الحقيقية التي تدفع الجميع إلي المزيد من الإصلاح والتطوير، ولعل اجتماع ائتلاف الأحزاب الأربعة الكبار مؤخراً يكون بداية حقيقية لها في سبيل إصلاح الذات والسعي نحو جماهيرية أكثر.
وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.