تعتبر العمارة الخضراء أو المباني والمدن الصديقة للبيئة أحد الاتجاهات الحديثة في الفكر المعماري المطبق في كل الدول العربية واتجهت إليه مصر مؤخراً بهدف ترشيد الطاقة والتكاليف بما يساهم في تمكين محدودي الدخل من الحصول علي وحدات سكنية بمبالغ زهيدة بالإضافة إلي الحفاظ علي البيئة وحق الأجيال القادمة في الخامات. وفكر العمارة الخضراء يهتم بالعلاقة بين المباني والبيئة من ناحية والتكلفة من ناحية أخري والمباني الخضراء ما هي إلا مبان تصمم وتنفذ وتتم إدارتها بأسلوب يضع البيئة في اعتباره وأحد أهم اهتماماته يظهر في تقليل تأثير المبني علي البيئة إلي جانب تقليل تكاليف إنشائه وتشغيله وكان في مصر الفضل للدكتور حسن فتحي في دخول هذا الفكر الجديد في مصر الحديثة معتمداً علي الخامات الموجودة بالطبيعة. ويقدر العلماء مقدار الطاقة التي توفرها العمارة الخضراء بنسبة تصل لأكثر من 30% بالإضافة إلي تركه لمسة جمالية في المدن تتمثل في الاختلاف بين المساحات المشمسة والمظللة مما يساهم إلي جانب توفير الطاقة الحفاظ علي صحة المواطنين ساكني هذه المباني. التلوث والمستقبل في البداية يؤكد المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية أن الاستنزاف السريع لمصادر الطاقات التقليدية والموارد الطبيعية لخامات البناء وما ينتج عن صناعات مواد البناء من تلوث هي أهم القضايا التي تمثل التحديات الحقيقية لمصرنا العزيزة في الفترة الراهنة حيث يهدد كل جهود التنمية التي من شأنها توفير سبل الحياة الكريمة لكل البشر وتهديد بيئة الكوكب مما يمثل خطراً داهماً علي مستقبل البشرية وخاصة الدول النامية. ويوضح المغربي أن مستقبل مصر يحتم علينا جميعاً ضرورة الحفاظ علي الموارد الطبيعية وتنمية مصادرها المتجددة لاستمرار عملية التنمية وترشيد استخدامها داعياً العلماء والخبراء التوسع في إبتكارات جديدة للمنشآت الخضراء والمستدامة لتطوير قطاع التشييد والبناء لمواصلة التنمية والنماء علي أرض مصر. التكاليف والفكر الجديد ويقول الدكتور مصطفي الدمرداش رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء أن الدولة في حاجة ملحة وملموسة لهذا الفكر الجديد في مجال التشييد والبناء حيث يعد البناء الأخضر المستدام أحد المتطلبات المهمة والضرورية في مستقبل البناء وخاصة أنه سيتم تطبيق هذا الفكر الجديد في البيئة الصحراوية وليس في الدلتا وحوض النيل فقط. ويضيف أن هذا الفكر الجديد المتمثل في العمارة الخضراء سوف يعمل علي ترشيد الطاقة واستخدام الطاقات الجديدة والمتجددة بالإضافة إلي الوصول إلي مواد بناء وطرق إنشاء جديدة تساهم في خفض تكلفة البناء مما يتيح للمواطنين الحصول علي وحدات سكنية منخفضة التكاليف وفي بيئة نظيفة. ويوضح الدمرداش أن المركز القومي لبحوث البناء يستهدف الخروج بسياسات جديدة لتطبيق فكر البناء الأخضر والمستدام في مجال التشييد والبناء بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية العالمية مؤكداً علي الاهتمام بمشروعات البناء الأخضر في مصر والبناء المستدام في البيئة الصحراوية والابتكار في تصميم المباني الخرسانية المستدامة، وطرق الإنشاء ومواد المباني الحديثة للمباني المستدامة وأنظمة الطاقة المستدامة للمباني وأنظمة التصميم الإنشائي والمعماري للمباني والتأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالمباني المستدامة. المجلس الأخضر ويوضح الدمرداش أنه في إطار اهتمام الدولة بالعمارة الخضراء فقد تم خلال العام الماضي إعلان قيام المجلس المصري للعمارة الخضراء برئاسة المهندس أحمد المغربي وزير الإسكان وعضوية الوزارات المعنية بالإضافة إلي أعضاء من ذوي الخبرة يمثلون المجتمع المدني مشيراً إلي أن المجلس يهدف إلي وضع السياسات التي تؤدي إلي نشر فكر العمارة الخضراء واقتراح التشريعات والكودات وبناء القدرات البشرية من خلال التدريب وكذلك التعاون الدولي في مجال العمارة الخضراء والبناء المستدام وذلك للوصول إلي مبان صديقة للبيئة تساعد علي الارتقاء بالمجتمع والمحافظة علي صحة المواطنين والعيش في بيئة نظيفة. قرية صديقة للبيئة ويشير الدمرداش إلي أن وزارة الإسكان متمثلة في المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء تقوم حالياً بعمل مشروع تجريبي بإنشاء قرية منتجة منخفضة التكاليف وصديقة للبيئة لتطبيق فكر العمارة الخضراء تمهيداً لتعميمها في قري الظهير الصحراوي عند نجاح التجربة.