شهدت الفترة الأخيرة انتشار ظاهرة هروب الناشئين المصريين للخارج بحثًا عن تحقيق حلم الاحتراف الذي يراود كل لاعبي كرة القدم. وبالطبع لسنا ضد الاحتراف الخارجي ولكن المشكلة تكمن في العملية نفسها التي تتم بشكل غير رسمي وعن طريق هروب اللاعب وهو ما يعد إهدارًا لحقوق الأندية المصرية ومغامرة غير مأمونة العواقب للناشئ الصغير قد تقوده للهاوية بدلاً من التألق والشهرة. ولو بحثنا في أسباب الظاهرة سنجدها متعددة ومتشابكة ولكن يمكن رصد أبرزها وهي: صراعات السماسرة ووكلاء اللاعبين واستهتار الأندية والعقود المضروبة أو الوهمية. فالبنسبة للسماسرة فلا يهمهم سوي الربح وجني الأموال فيضحكون علي الناشئ الصغير بحلم الاحتراف ويحرضونه علي ترك ناديه ويوهمونه بأن أندية أوروبا كلها في انتظاره حتي يقع المحظور ويترك الناشئ ناديه ويسافر ليجد نفسه في أحد أندية الدرجة الثانية أو الثالثة بأوروبا أو حتي في ناد عربي متواضع. كما أن الأندية تساعد بشكل كبير في عملية الهروب من خلال استهتارها وإهمالها في التعاقد مع الناشئين والشباب بعقود احترافية مما يدفع اللاعب الصاعد للهروب والسقوط في فخ السماسرة. والأغرب من ذلك هو العقود غير الصحيحة أو المضروبة التي يهرب علي أساسها الناشئ من ناديه ليفاجأ أن حلم احترافه تحول إلي وهم وسراب ويعود بخفي حنين أو يترك كرة القدم ويتجه إلي مهنة أخري. ونجحت روزاستاد في التوجه لأحد ناشئينا لمعرفة تفاصيل احترافه وهو في سن صغيرة بأحد الأندية الليبية حيث أكد رائد بشير مهاجم أهلي بنغازي الليبي وناشئ الزمالك السابق وأحد المواهب الشابة الذين دفعهم الاهمال والتجاهل إلي الهروب من حجيم قطاع الناشئين بالزمالك إلي البحث عن فرصة لإثبات الذات بالخارج بعد أن أغلقت في وجهه جميع أبواب المجد والنجومية ووجد ضالته في دولة ليبيا الشقيقة قبل موسمين حيث ساعده ممدوح إبراهيم وكيل أعمال اللاعبين في اللعب بالدوري الليبي ووقع لصفوف نادي أهلي بنغازي الذي أعاره لمدة موسم واحد لنادي الوحدة أكد في تصريحات خاصة لروزاستاد علي أنه كان يحلم في أن يصبح أحد نجوم الدوري المصري وكان يظن أن ذلك الحلم تحول إلي حقيقة أثناء فترة انضمامه للزمالك وبعد أن وقع علي استمارات الانضمام فوجئ بأن النادي يماطل في منحه أي مستحقات مالية رغم أنه لم يطلب أو يشترط الحصول علي أي أموال لكنه كان يرغب فقط في الحصول علي ما يعينه علي المعيشة العادية حتي يؤدي مع فريقه بتركيز بل ولم يطلب منه أحد أن يوقع علي العقود الرسمية للانضمام وذهب بوكيل أعماله إلي عمرو الجنايني عضو مجلس إدارة نادي الزمالك في تلك الفترة لم يهتم بالأمر وقال بالحرف الواحد حسب تصريحات اللاعب للجريدة أنه طالما لم يتم تفعيل التعاقد معك وتم الاكتفاء بتوقيعك علي استمارات مبدئية فقط إذن أنت لاعب عادي واستمر الوضع علي ما هو عليه لبضعة أشهر إلي أن فاض باللاعب الكيل وبمساعدة وكيل أعماله سافر إلي ليبيا وأعجب مسئولو أهلي طرابلس به وتم التعاقد معه ثم أعير إلي نادي الوحدة الذي تألق بصفوفه ونال استحسان علي لبشاري المدير الفني للفريق. يقول رائد في النهاية إنه تعامل مع الزمالك بحسن نية ولكن مسئوليه خذلوني ولم يقدروا تعاقدي معهم لذلك فكر في الرحيل واستكمال المسيرة بالخارج مؤكدًا أن الزمالك سيندم علي التفريط فيه بهذه الصورة المهينة، وبعيداً عن رائد هناك عشرات الناشئين المصريين الذين يلعبون في دوريات عربية وأوروبية بعضهم نجح في دخول عام الشهرة والتألق ومعظمهم في طي النسيان.. والأدهي من ذلك هو هروب بعض الناشئين ويتم تجنيسهم ليلعبوا بأسماء منتخبات أخري.. ولعل ستيفان شعراوي لاعب جنوه الإيطالي والذي اثيرت حوله ضجة كبيرة في الفترة الأخيرة من أبرز الأمثلة. وكذلك هناك سليمان صادق لاعب فريق ارسنال كييف الأوكراني والذي خاض العديد من المباريات مع منتخب أوكرانيا للناشئين وأيضاً بدر سمير حارس مرمي يونايتد أمريكا ومنتخب الناشئين الأمريكي وعبد الله ياسين مهاجم باريس سان جيرمان الفرنسي ورامي رفعت لاعب نورشيلاند الدنماركي وغيرهم. ومن هذا المنطلق حرصت روزاستاد علي التوجه لبعض الخبراء والنقاد في محاولة لإيجاد حلول لظاهرة هروب المواهب الكروية. وجمال عبد الحميد نجم منتخب مصر ونادي الزمالك السابق أكد علي أن هذه الظاهرة سببها في المقام الأول يرجع إلي عجز بعض الأندية في الإنفاق علي قطاعات الناشئين لأن الاهتمام في المقام الأول يكون منصباً علي فريق الكرة الأول الذي ينافس ويجني البطولات والآن معظم الأندية تتجه إلي شراء اللاعب الجاهز بالملايين. وتتقاعس في الاهتمام بالناشئين الذين يعتبرون زخيرة أساسية لأي فريق وثروة الأندية التي يجب الحفاظ عليها ناهيك عن أزمة توثيق عقود الناشئين التي يستغل السماسرة العديد من الثغرات فيها ويقومون بإغواء اللاعبين الشباب بالاحتراف الخارجي. أما منير حسن وكيل اللاعبين فأكد أن استهتار الأندية وعدم تعاقدها مع ناشئيها يدفعهم للهروب والبحث عن فرصة احتراف مشيراً إلي أن المسئولية في المقام الأول تقع علي عاتق الأندية وليس السماسرة لوكلاء اللاعبين. وأضاف حسن أنه كوكيل للاعبين يرفض مسألة تهريب الناشئين خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربطه بمسئولي معظم الأندية المصرية ولكنه أيضاً أي وكيل اللاعبين ليس مخطئًا قانونياً عندما يقوم بجلب عقد خارجي لناشئ لأنه بذلك يستغل تهاون النادي من حيث عدم التعاقد مع هذا الناشيء.. وقال حسن إن وجود بعض السماسرة غير المعتمدين لدي اتحاد الكرة يساهم في انتشار الظاهرة خاصة أن هدف هؤلاء السماسرة يكون الربح دون مراعاة المبادئ الأخلاقية. وأشار حسن إلي أن بعض الناشئين طلبوا منه جلب عقود احترافية لهم مؤكداً أنه رفض ذلك احترامًا لاخلاقيات المهنة. واختتم حسن تصريحاته متوقعاً أن تتزايد الظاهرة خلال الفترة القادمة في ظل استمرار تجاهل الأندية لناشئيها مؤكداً أن اللوائح تنص علي أن اللاعب الهاوي من حقه الاحتراف خارج بلده.. واللاعب الهاوي هو غير المرتبط بعقد مشيراً إلي أن الغالبية العظمي من الناشئين في مصر لا ترتبط بعقود مع أنديتها.