علي الرغم من أن قيادات المجلس القومي لحقوق الإنسان أكدت علي خروج التقرير السنوي السادس للمجلس في صورة قوية مقارنة بالعام الماضي.. إلا أن النتيجة أثبتت غير ذلك حيث إنه ووفقًا للتقرير الذي نشرته روزاليوسف في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي بتاريخ 17 مارس الجاري.. لم يأت بجديد يمكن الالتفات إليه سوي ما طرأ علي الملف الحقوقي بشكل عام وهو آلية المراجعة الدورية الشاملة المعروفة بالUPR. لماذا يتعرض تقرير المجلس كل عام لعدد كبير من الانتقادات سواء الإيجابية أو السلبية؟! تساؤل رئيسي لابد أن يبدأ المجلس في الإجابة عنه من خلال البحث والتحليل لأوجه هذه الانتقادات.. واللافت أن المجلس اعتاد علي الالتزام بمنهجية معينة في إعداد تقاريره السنوية.. لم تتطور منذ بداية نشأته في عام 2004 بدءًا بعنوانه الذي لم يتغير بتغير الأوضاع السياسية والاقتصادية للمجتمع المصري سنويًا وهو حالة حقوق الإنسان في مصر مرورًا بعناصره أي التبويب الداخلي بمعني أن الجانب الشكلي للتقرير لم يشهد أي تغيير ملحوظ يمكن الإشارة إليه. أما من حيث المضمون فإن تقرير 2009-2010 حمل في طيه من خلال مقدمته تجديد الدعوة لوقف العمل بقانون الطوارئ ومعالجة أوضاع المعتقلين إداريًا وتعزيز الحريات العامة للمواطنين وتحفيز المشاركة السياسية والمجتمعية مع معالجة أوضاع النقابات المهنية والعمالية وإطلاق طاقات المجتمع المدني وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات الأولي بالرعاية ونشر ثقافة حقوق الإنسان.. وهي في مجملها ذات المحاور الواردة في مقدمة التقرير السنوي لعامي 2008-2009 إضافة لتأثير الأزمة الاقتصادية العالمية علي مسار حقوق الإنسان علمًا بأنه اعتبر أن تعزيز مشاركة المرأة في مجلس الشعب هو أهم إنجاز تشريعي حدث خلال عام 2009 . واستعرض التقرير مجموعة الحقوق الأساسية بدءًا بالحق في الحياة مجددًا انتقاد استمرار التعذيب في أماكن الاحتجاز دون أن يرصد تحديدًا كم عدد الحالات الواردة للمجلس خلال العام والخاصة بهذا الانتهاك مقارنة بتقرير الماضي والذي أوضح أن هناك 19 حالة تقريبًا بينما لفت التقرير إلي أن هناك ثلاثة أنماط رئيسية متعلقة بانتهاك الحق في الحرية والأمان الشخصي وتمكن من توقيف النشطاء السياسيين وإلقاء القبض علي العشرات بسبب التجمهر وتعريض الأمن العام للخطر وكذلك القرارات الإدارية الصادرة لأسباب سياسية أو جنائية.. في حين أن التقرير السنوي الخامس لم يشر تفصيليًا لهذه المحاور الثلاثة مكتفيًا باستعراض بعض الحالات التي رصدها المجلس خلال عامي 2008-2009. واللافت أن المجلس استقي معلوماته فيما يتعلق بالحق في المحاكمة العادلة والمنصفة من تقارير المنظمات الحقوقية مجددًا دعواه بضرورة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العادية وليست العسكرية بمقتضي قانون الطوارئ.. حيث الضوء علي وقائع محاكمة خلية حزب الله وكذلك خلية الزيتون مشيرًا إلي تزايد حالات الإخلال بحقوق الدفاع المقررة للمتهمين وعدم تمكين المحامين من أداء واجبهم والمنع من حضور التحقيقات أمام نيابة أمن الدولة. وسجل المجلس في تقريره السادس 124 شكوي تتعلق بإدعاءات تعذيب محتجزين وسجناء بخلاف منظمات حقوق الإنسان مشيدة بدور وزارة الداخلية في تمكين السجناء من الخروج لزيارة ذويهم من المرضي وتلقي واجب العزاء والتعليم بالإضافة للإشارة لتحسين أوضاع السجناء فيما يتعلق لحل مشكلة التكدس.. وهذا ما أكد به التقرير الخامس. واللافت هذا العام أن المجلس سجل موقفًا بالنسبة لحقوق الشيعة والمنتقبات في إطار الدفاع عن حرية الفكر والاعتقاد مؤكدًا علي استمرار التضييق علي المواطنين الشيعة والتعنت في التعامل مع المنتقبات علي حد ما ورد في التقرير السادس مستعرضًا باستضافة أسباب العنف الطائفي والتي تتركز في الخلافات علي بناء الكنائس أو ترميمها والتحول من ديانة لأخري مسلطًا الضوء علي واقعة نجع حمادي وخطابات رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية في هذا الشأن.. وهذا شيء إيجابي مقارنة بالعام الماضي الذي ورد في محور حرية الفكر والاعتقاد علي استحياء! وفيما يتعلق بالشكاوي وهي العامود الفقري لأي تقرير حقوقي سجل المجلس 16877 شكوي بزيادة 12 % علي العام الماضي في حين أن التقرير الخامس سجل 14672شكوي أي بنسبة تزيد علي ضعف الواردة في التقرير الرابع.. وبالرغم من أن ذلك يدعي المجلس أن التطور الإيجابي في تلقي الشكاوي هو بفضل المكاتب المتنقلة إلي تحول المحافظات علمًا بأن المجلس أرسل 13 بعثة تقصي حقائق بهدف الوقوف علي الأحداث الطائفية والإضرابات والاعتصامات مشيرًا أن هناك تحسنًا في نسبة الردود الحكومية والتي ارتفعت من 12٪ في العام الأول من أعمال مكتب الشكاوي إلي (40٪) في 2009 . المراجعة الدورية الشاملة أو الUPR هي المحور الجديد في التقرير السادس للمجلس حيث تضمن جهوده في سبيل إعداد التقرير الخاص بعملية المراجعة وتم عرضه أمام المجلس الدولي بچنيف مستعرضًا كل التوصيات المتعلقة بأوضاع الحقوق والحريات..وختم المجلس تقريره بتحليل الصعوبات التي تعترض مسيرته لتعزيز حقوق الإنسان وهي في حقيقتها ذات الظاهرات التي تعرض لها التقرير الخامس متمثلة في ظاهرة التوتر الأمني في سيناء والاحتقان الطائفي والمواطنين المصريين العاملين في الخارج مقترحًا إعطاء الحق له في رفع الدعاوي القضائية في الحالات التي تستوجب ذلك وإمكانية المجلس للقيام بضم أعضاء من الخبرات والشخصيات العامة في لجانه النوعية دعمًا لقدرات هذه اللجان علي ممارسات أنشطتها.. في حين أنه لم يعد ذكر توصياته المعتاد عليها مقارنة بالتقرير الخامس مكتفيًا بذكرها في جزء المراجعة الدورية الشاملة.