من يتابع الخطاب الإعلامي للمعارضة الجديدة يكتشف أنها تبدأ بطرح شعار يتجمع حوله الشباب ثم يبحثون عن آليات لتفعيل هذا الشعار أما في الفضاء الافتراضي أو في صيغ احتجاجات رمزية ويعيشون في طمأنينة فكرية ويقين مفترض شبه وهمي! وحينما ينفض الشباب من حول هذا الشعار يلجأون إلي شعار آخر وهكذا فمن حركة كفاية وأخوتها 2004 إلي ضد التوريث 2009 وأخيراً الجمعية الوطنية للتغيير 2010 . كل هذه الأشكال غير المحددة الملامح أو البرنامج بدأت بحركة كفاية التي لخصت كل شيء في ضرورة تغيير رأس النظام الرئيس مبارك اطال الله عمره وحينما لم تستطع الحركة الاستمرارية وقامت مجموعة من الإسلاميين بتدينها وأخيراً بعض القوميين بتأميمها. ولم يجد بعد قادتها سوي الهرولة لحركات أخري. وأمام ذلك الفشل كان لابد من البحث عن شعار آخر ووجدوا في جمال مبارك ونمو وضعه القيادي داخل الحزب الوطني فرصة لشعار آخر فكان ضد التوريث ذلك الشعار الذي تولدت حوله حركة جديدة وبعدما تم نفي أسطورة التوريث من قبل جمال مبارك وقادة مختلفين في الحزب الوطني بل وتواترت الأخبار حول إمكانية ترشيح الرئيس مبارك لنفسه في فترة رئاسية مقبلة. لم يكن أمام الجميع سوي الولوج إلي حصان د.محمد البرادعي!! وبالطبع وجدت وسائل الإعلام الجديدة نفسها في خلق حالة من الاستقطاب نحو الشعار الجديد الذي تجسد في شخص بعينه وهكذا يمكن التأكيد علي أن جميع هذه الأشكال تعتمد علي الشعارات والشخصية كفاية شعار موجه لشخص وهو الرئيس مبارك وضد التوريث شعار موجه لشخص وهو جمال مبارك والتغيير من أجل شخص وهو د.محمد البرادعي!! ومع احترامي لجميع هذه الأشكال ولكل هؤلاء الأشخاص فإن الأوطان الجديرة بالاحترام لن يحدث فيها التغيير بالشعارات كما أن وطناً مثل مصر لا يستحق التعامل معه بتلك الخفة. علي الجانب الآخر من نهر المعارضة نجد أن أحزاب المعارضة الأساسية التجمع والوفد والناصري والجبهة الوطنية قد استطاعت أن تنجز خطوة مهمة وهي وضع برنامج للإصلاح السياسي والدستوري بشكل متكامل. ومن يراجع الخطاب الإعلامي لقادة من الحزب الوطني عامة ولجنة السياسات خاصة مثل د.علي الدين هلال أو د.حسام بدراوي، د.مصطفي الفقي ود.عبدالمنعم سعيد، د.مصطفي علوي ود.جمال عبدالجواد وآخرين سيكتشف أن كل هؤلاء ليسوا ضد شعار التغيير ولا الرغبة في الوفاق الوطني حول دستور جديد. وإذا حاولنا إعمال العقل سنجد أن شعارات المعارضة الجديدة لا تتناقض مع الوثيقة البرنامجية للمعارضة الحزبية ولا تتناقض معارضة الشعارات والحركات والمعارضة التقليدية مع أطروحات ورغبات وتوجهات العديد من قادة الحزب الوطني ولجنة السياسات ومن ثم هل يمكن مطالبة الجميع بالجلوس علي مائدة الحوار حول مستقبل هذا الوطن بدون شعارات أو مناورات أو صفقات؟! والبديل لذلك الحوار والوفاق الوطني هو الصدام بين جميع هذه الأطراف واضعاف النظام السياسي وما تبقي من الدولة المدنية لأن كل أطراف المعارضة القديمة والجديدة إضافة إلي التيار الحداثي في الحزب الوطني عامة ولجنة السياسات خاصة لن يستطيع أي تيار من تلك التيارات إنجاز الإصلاح الاجتماعي والسياسي والدستور بمفرده بل أن ما يحدث من حراك لقوي التخلف والرجعية في وطننا ستكون هي الفائزة لا قدر الله علي سكان البيت المدني الذي سوف نهدمه بالصدام في الشارع المصري ولا أبالغ إن قلت: إن كل هذه النخب المدنية والحداثية في الحكم أو في المعارضة لا تدرك أن القوي الرجعية المعادية للدولة المدنية تنتشر وتتغلغل داخل جميع القطاعات وسلطات الدولة المدنية فهل يمكن أن يجلس الجميع علي مائدة الحوار الوطني قبل فوات الأوان اللهم أني قد أبلغت اللهم فأشهد.