تعامل حزب التجمع مع الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل أكثر من جاد ليس فقط بحكم موقعه السابق أو حالة الجدل التي جاء بها الرجل من فيينا إلي القاهرة، ولكن لأن البرادعي كان محملاً ومهاجمًا بشكل غير مسبوق للأحزاب السياسية الرئيسية المعارضة، من هنا كان نمط التعامل معه تجاهلا بتجاهل وهجومًا بهجوم وحوارًا بحوار. فالمرة الأولي خرجت عن الحزب ورقة اتهمت البرادعي بغموض موقفه من قضايا عدة منها موقفه من إنشاء أحزاب دينية وموقفه من المرأة واستكملت مناقشات الأمانة المركزية استوضحوا بها موقفه من الأقباط حيث تواجد البرادعي بالقاهرة وقت أزمة أحداث نجع حمادي ونفس الأمر مع أزمة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة كل ذلك جعل الحزب يطرح علامات استفهام حول هذه الأمور التي لم يحسمها لا في عودته للقاهرة مؤخرًا ولا في الوقت السابق، ولا يكتفي الحزب بهذه النقاط الخلافية بل إن الأمر تعدي ذلك حينما أكد أعضاء الأمانة المركزية أن دعوة البرادعي لادخال تعديلات علي الدستور هي دعوة في الأصل ومجهود لأحزاب المعارضة الرئيسية الأربعة وخاصة التجمع الذي كان يطالب بتعديلات دستورية منذ عام 1984.. فمن أين له هذا القفز علي مجهود حفرته الأحزاب بعرقها عبر سنوات طويلة. ربما هذا ما جعل الحزب يوجه إليه دعوة - أقرب لأن يوافق عليها - عبر اللجنة السياسية وباقتراح من القيادي بالحزب نبيل زكي لإجراء حوار سياسي معه لاستجلاء موقف البرادعي من النقاط الخلافية والغامضة عقب عودته للقاهرة في أقرب وقت. وإن كان هناك تخوف بالحزب من قضية المستقلين.. فالبرادعي يطرح نفسه كمستقل وليس عضوًا بالحزب ويقول إنه لكل المصريين فضلا عن تخوفات حزبية من المحيطين بالبرادعي الذين يضعون دائمًا الحركات الاحتجاجية ومنظمات المجتمع المدني في مواجهة الأحزاب، لهذا فلم يكن غريبًا علي الحزب من أن يحذر أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير التي يقودها البرادعي ومنسقها العام الدكتور حسن نافعة من أنه تلقي نفس مصير جبهة الدكتور عزيز صدقي. وكان أن أثار قرار دعوة البرادعي العديد من ردود الأفعال المتباينة داخل اجتماع الأمانة المركزية، إذ رفض عبدالله أبوالفتوح أمين المتابعة والاتصال هذا الأمر انطلاقًا من أنه لا يجوز التراجع عن موقف الحزب السابق إزاء تعمد البرادعي تهميش دور الأحزاب المصرية في تصريحاته الإعلامية. بينما أكد نبيل زكي صاحب الاقتراح أن الدعوة تنطلق من أن البرادعي إحدي الشخصيات المستقلة التي يمكن مناقشتها في تعديلات الدستور وأن نقطة الخلاف الأساسية هي الاعتراض علي تصريحاته غير الديمقراطية، لأن الديمقراطية الحقيقية تعتمد علي التعددية.. والتعددية أساسها الأحزاب والتي لم يعترف بها البرادعي. وقال زكي إن أغلب أعضاء الأمانة وافقوا من زاوية اعتبار البرادعي شخصية مستقلة يمكن محاورتها في اهتمامها بالشأن العام وكان الحزب قد اقترح منذ فترة إقامة جبهة وطنية تضم شخصيات مستقلة ورؤساء أحزاب. وأكد المتحدث باسم الحزب أن هذا الموقف يهدف إلي خرس الألسنة التي تتهم الحزب بمهاجمة البرادعي دون حق وأنه في حال رفضه اللقاء في الحزب يكون بذلك غير جاد لأنه يتجاهل الأحزاب والقوي السياسية علانية ويرفض التعاون معها وهو دليل علي عدم الجدية في دعوته بتطبيق الديمقراطية.