بقلم : ريتشارد هاس (رئيس مجلس العلاقات الخارجية الامريكى) ترجمة :مى فهيم لن يتحقق فرض السيطرة علي إيران من خلال مائدة المفاوضات ولكن عن طريق قوي الشعب وحدها ؛لذا فيجب علي الغرب أن يعلن الدعم للمعارضين في إيران. باتت دقات الساعة في إيران تحمل أهمية كبري ففي واقع الأمر هناك ثلاث ساعات تدق في إيران الأولي في معامل إيران النووية، والثانية علي مائدة المفاوضات، والثالثة في شوارع إيران.ويتوقف مستقبل البلاد علي أي من الساعات الثلاثة ستكون دقاتها أسرع من الاخري. الشأن النووي في إيران يمر بوتيرة سريعة فإيران لديها الآن آلاف من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم علي مدار 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع، وبالطبع فإن اليورانيوم المخصب بكثافة 4 ٪ هو مناسب لإنتاج الكهرباء ولكن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪. وبعد أيام خرجت تصريحات تفيد بأن هذا لم يخرج عن كونه رغبة أو طموح. فهل كانت التصريحات بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 ٪ مجرد زوبعة أو جعجعة ؟لا يمكننا أن نتأكد بوضوح من هذا ولكن ما نعرفه هو أن هناك خطوة واحدة قصيرة لتخصيب اليورانيوم بنسبة 90 ٪ وهي النسبة المطلوبة لإنتاج وقود لأسلحة نووية. وربما تكون إيران قد واجهت مشكلات تقنية في تخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم ولكنها قد تستمر في توليد كميات كثيرة من الوقود المستخدم في الأسلحة في فترة من عام إلي ثلاث أعوام أو أقل.. ولم يتضح في الأفق حتي الآن ما إذا كانت إيران تعتزم المضي قدما في إنتاج الأسلحة النووية وإجراء اختبارات لها. وقد يقرر المسئولون الإيرانيون وقف برنامجهم النووي لفترة لان إيران قد تحصل علي معظم الفوائد باعتبارها دولة تمتلك أسلحة نووية دون الحاجة إلي تكبد التكاليف الباهظة لهذا. فاحتمال امتلاك إيران لأسلحة نووية فعليا أو كونها علي أعتاب امتلاك سلاح نووي هو ما قد يؤدي إلي زعزعة استقرار المنطقة بل والعالم بأسره. وقد يؤدي مسار إيران في طريقها النووي إلي احتمال تعرضها إلي ضربة عسكرية من إسرائيل أو أمريكا ضد المنشات النووية الإيرانية وهو ما سيتبعه رد فعلي انتقامي من الجانب الإيراني بالطبع، كما أن إمدادات النفط ربما تشهد حالة من التعطل في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد العالمي بمرحلة انتعاش لا تزال هشة. وربما يدفع امتلاك إيران لأسلحة نووية بالكثير من دول المجاورة لها للمطالبة بامتلاك أسلحة نووية ؛ لذا فستشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر. وبالنظر إلي مائدة المفاوضات نري أن عقارب الساعة تمر ببطء شديد ؛ والمحادثات بين إيران والدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا العظمي وفرنسا وروسيا والصين بالإضافة إلي ألمانيا) للتوصل إلي اتفاق فشلت، وكذلك لم تجد الشروط المسبقة التي تدعو إيران إلي وقف تخصيب اليورانيوم مكانا لها في حيز التنفيذ فهم كانوا يطلبون من إيران أن تتوقف عن برنامجها المستقل بشأن تخصيب اليورانيوم وتضع كل جعبتها النووية تحت إشراف دولي، وفي المقابل سيكون هناك تخفيف للعقوبات الاقتصادية علي إيران وسيتم السماح لها بالحصول علي طاقة نووية أو أي من الامتيازات السياسية والاستراتيجية. ولكن الصورة ليست مشرقة هكذا؛ فتعالت الكثير من الأصوات في واشنطن مطالبة بضرورة فرض عقوبات إضافية علي إيران تستهدف الحرس الثوري (قوات النخبة) فهم لهم السيطرة علي سياسة والاقتصاد والآمن في إيران .وبعد مرور 31 عاما علي اندلاع الثورة الإسلامية انصهر الحكم الملالي والسياسي بشكل غير مسبوق وباتت إيران تشبه إلي حد كبير الدولة الاستبدادية إذ تسيطر قوات الآمن علي معظم نواحي الحياة العامة. ولا ندري ما هو تأثير العقوبات الاقتصادية علي استقرار النظام في إيران أو علي صنع القرار. ويتضح من خلال المتابعة لسياسة فرض العقوبات الاقتصادية علي مر التاريخ أن العقوبات الاقتصادية لا تثمر عن تغيرات سياسية هامة. وتمتد المقاومة ضد نظام الملالي إلي العديد من السنوات الماضية ولكنها زادت بشكل حاد في أعقاب التزوير في الانتخابات الرئاسية في 12 من يونيو الماضي ؛وكلما زاد قمع المعارضة زادت حدة المعارضة وهي ما تمثل الآن تحديا كبيرا أمام الحكومة.ومن جانبها زادت الحكومة الإيرانية في قمعها لحركة المعارضة فقامت بإلقاء القبض علي أفراد المعارضة وإغلاق مواقع الانترنت وانتشر الخوف في البلاد. لذا فانه حان الوقت للغرب ليعلن تأييده الصريح للمعارضة في إيران ،وليس بوسع الولاياتالمتحدة ولا حكومات دول الاتحاد الأوروبي أن تقدم لهم اصلاحا جذريا، ولكن بمقدورهم تقديم العون والدعم للمعارضة الإيرانية علي التواصل مع العالم الخارجي، وان تبقي علي دراية واطلاع بما يجري حولها. وبالنظر إلي ما سبق يتضح لنا ان الشئون النووية والدبلوماسية والسياسية في إيران ستمضي في قالب يخدم مصالح العالم ومن المحتمل أن يمضي الشأن النووي بوتيرة أسرع من الحل الدبلوماسي واللجوء إلي مائدة المفاوضات. وربما تكون إيران تسعي لكسب الوقت بينما يقوم علماؤها بمحاولة التغلب علي الصعوبات التقنية التي قد تعوق البرنامج النووي الإيراني. وربما تستغرق العديد من الشهور للحصول علي تأييد دولي لفرض عقوبات قاسية علي إيران وربما تحتاج لسنوات لتنفيذها وليكون لها تأثير.ومرة أخري؛ دقات الساعة داخل المعمل سيكون لها الغلبة علي الشأن الدبلوماسي. نقلا عن التايمز البريطانية