تعتبر مصر من أكبر بلاد العالم التي تنتشر فيها أمراض الكبد الوبائي فيروس (C) الذي يؤدي حتماً إلي فشل كبدي في 25٪ من الحالات الحاملة لهذا الفيروس. هذا الفشل لا علاج له علي الإطلاق حتي الآن إلا بزراعة الكبد. ومن هذه النسبة 10٪ مصابون بفيروس (c) ومعني ذلك أننا لدينا 7 مليون إلي 8 مليون مريض وهذا رقم مخيف ومرعب، منهم 2 إلي 8 مليون مصري يحتاجون الزراعة اليوم.. هذا الكم غير موجود في العالم كله حتي في أمريكا، صحيح أن السبب الرئيسي للزراعة في أمريكا هو فيروس (C) إلا أن نسبة الإصابة لا تتعدي 1٪ وهذا الرقم أكرر أنه مرعب ومخيف لأنه غير موجود في العالم كله. هذه الأرقام والحقائق كانت جزءاً مهماً من حوار دار بيني وبين الدكتور محمود المتيني أستاذ الكبد وخبير زراعة الأعضاء الذي أضاف أن أسباب هذا المرض عديدة منها ما هو موروث مثل البلهارسيا وطرق علاجها المختلفة، نأمل خلال العشرين سنة القادمة أن تقل هذه النسبة، وهناك عادات سيئة مثل الختان من غير متخصصين، وأدوات الأظافر، وأطباء الأسنان، والدم ومشتقاته.. كل هذه المسببات هناك محاولات للسيطرة عليها، هذه المحاولات ليست بالسرعة المطلوبة لكن هناك محاولات جادة من وزارة الصحة وأعتقد أن زيادة الوعي هي الأساس لكي نبدأ في السيطرة علي هذا الوباء الرهيب.. إن أمراض الكبد المختلفة هي السبب المباشر لسوء معدلات المستوي الصحي في مصر. إذن ما الحل لفيروس C الحل بالتأكيد ليس هو الزراعة، لكن المطلوب هو برنامج قوي للوقاية، وهنا نعود لقضية التعليم.. لو لم يكن هناك تعليم قوي لن نجد من يستوعب تلك البرامج الوقائية التي نخطط لها لأن غياب الوعي ناتج عن غياب التعليم، ومن هنا تنتشر الأمراض. ولابد أن يتزامن مع ذلك البرنامج الوقائي برنامج علاجي قوي بالأدوية لحاملي الفيروس (B) و(C) وبرامج التطعيم للفيروس (B) ثم أخيراً زرع الأعضاء وزرع الكبد لمن وصلوا لمرحلة الفشل الكبدي، ورغم صعوبة عمليات الزراعة التي بدأناها بمنتهي الصعوبة عام 2001 ونحن ننادي منذ عام 1993 بأن يكون لدينا قانون لزراعة الأعضاء ينظم هذه المنظومة المعقدة والمملكة العربية السعودية التي تطبق الشريعة الإسلامية وافقت رسمياً عام 1995 علي زراعة الأعضاء ويقومون بها منذ ما يقرب من 13 سنة وكذلك إيران، ومن ناحية أخري الغرب كله يتم فيه علميات الزراعة ووفقاً لنصوص القانون، وكذلك البلدان الإفريقية والعربية، و نحن نقوم بعمليات الزراعة منذ عام 2001 بدون قانون ولكن اعتماداً علي الضمير والأعراف ليس إلا، لأن جميع الممارسات الخاطئة وعمليات النصب والاحتيال كانت قائمة لعدم وجود القانون حينئذ، وعمليات الزراعة لن تحل المشكلة ولكن ستحل جزءاً من المشكلة، وما لايدرك كله لا يترك كله، وزراعة الأعضاء هي أعلي تقنية في الطب من حيث التكنيك الجراحي وما حوله من تخدير ورعاية وكل الأقسام المساعدة، فالزراعة ترفع مستوي المؤسسات الطبية بل وترفع مستوي الطب في البلد بالكامل وتنمي البحث العلمي، ومن الممكن أن يأتي اليوم الذي نستغني فيه عن زراعة الأعضاء من خلال الخلايا الجذعية، ولكن الزراعة وكما قلت تنمي حركة الطب في البلد بالكامل، فالعناية المركزة والمهارات الطبية لدي الجراحين. والبحث العلمي، هذا من ناحية ومن ناحية أخري تقوم بعلاج بعض الحالات التي ليس لها حل سوي الزراعة، إما الزراعة وإما الموت المحقق، صحيح أنت تحتاج زراعة 2 مليون حالة المتاح منها 200 ألف وهذا علاج جزء للمشكلة والمردود العلمي والمجتمعي والمعرفي عظيم جداً، وبعد صدور القانون الذي ينظم زراعة ونقل الأعضاء أعتقد أن انفراجة كبيرة سوف تحدث في هذا المضمار.