محمد حسن فقي، ندوتها العلمية بعنوان "المدينةالمنورة في الشعر العربي"، وشارك بها عدد من أساتذة الأدب من الوطن العربي، لمناقشة المدينةالمنورة في الشعر العربي حضورها وتأثيرها وشعرائها، وأدارها الناقد التونسي عبد السلام المسدي. أكد الدكتور عاصم حمدان أستاذ الأدب العربي بجامعة الإمام محمد بن سعود أن الشعر الملحمي والوطني ظهر في بيئة المدينةالمنورة، خلال فترة من القرن الثاني عشر حتي الرابع عشر الهجري، حيث ظهر تيار سياسي يغلب عليه الحديث عن الشأن السياسي وكان منهم الشعراء عبد الجليل برادة وإبراهيم الاسكوبي ومحمد العمري. أما الناقد والكاتب السوري وليد مشوح فتحدث عن تجلي المعاني والأمكنة في المدينة بالشعر العربي، واستعرض أهم معالم المدينة وشواهدها عندما تناول الشعراء لقصة الهجرة ووصفوا طيب الإقامة بين ربوع المدينة، وفي ذلك العرض تجليات المعاني التاريخية والوجدانية والإيمانية النابعة من أعماق الوجدان تلميحا يحمل شعورا تجاه هذه المدينة المقدسة، التي تنبع خصوصيتها من حركة الهجرة التي تبث معاني الإيمان والإخاء والتكافل الاجتماعي. وأكد مشوح وجود فن الملحمة في الشعر العربي، فهناك قصة العرب منذ الجاهلية الأولي، وقصة إبلاغ الوحي والرسالة للنبي صلي الله عليه وسلم، ثم قصة الجاهلية الأخيرة للشاعر المصري أحمد محرم، والليبي الخلاق الذبياني، بالإضافة إلي المطولات الشعرية التي تسمي بالمدائح النبوية. وتحدث الدكتور سعد بن عبد الحميد وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود عن المدينةالمنورة في شعر عيد مدني قائلا: إن أفضل من يكتب عن المدينة هم أبناؤها، الذين عاشوا فيها واخلصوا لها وتفانوا في حبها وعبروا عن هذا العشق نثرا وشعرا، ومنهم المؤرخ وشاعر المدينة عيد مدني، الذي ينتهي نسبه إلي الحسين بن علي بن أبي طالب، وتجلت في شعره قدسية المدينة وشكلت عالما رحبا وخصبا في شعره. وقال الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة عند حديثه عن المدينةالمنورة في الشعر الأندلسي: الأندلسيون لاذوا ولهجوا بذكر المدينة والحنين إليها، وإن كانت بلادهم فردوسا لأن في الأرواح ظمأ لا تطفئه إلا نظرة طامحة إلي هذا المعراج الروحي، ولهذا كانت المدينة رمزا وواقعا وتمثل الحنين الجارف إليها في التمسك بمذهب إمام دار الهجرة مالك بن انس وكان عمل أهل المدينة عنده من أسلس الأصول الفقهية حيث كان الناس لهم أجساد البشر وأجنحة الملائكة وكان عملهم ذاته تشريعا يحتذي به في أيام الإسلام الأولي، والأندلسيون فيهم كسل لذيذ -حتي الإسبان توارثوا هذا الكسل- في الإقبال علي معالجة قضايا الفكر الدقيق، ولديهم إقبال علي الحياة. ولم تتخلف هذه القاعدة إلا لدي نفر ممن تأثروا بثقافات وافدة، وأهل الثغور الإسلامية عامة يفزعون إلي المنابع الأولي الأصلية، قبل أن تختلط بالثقافات الأخري، ولذلك اعتنقوا مذهب الإمام مالك، وكأن لسان حالهم يقول: إن لم نكن نحن في قلب العالم الإسلامي، فنحن في القلب منه سلوكا وارتباطا بالمهابط الأولي.