كعادته ترك المؤرخ وعالم المصريات الفرنسي كريستيان جاك العنان لمخيلته ليمزج التاريخ بالخيال في قصة أحد أشهر وأهم الشخصيات في مصر القديمة. إنه إمحوتب، المهندس صاحب فكرة أول هرم في الحضارة الفرعونية ، هرم سقارة المدرج، والذراع اليمني للملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة، وذلك في روايته الأخيرة التي حملت عنوان "إمحوتب : مخترع الخلود". وتدور الحبكة في هذه الرواية ،التي اتخذت إلي حد ما شكل الرواية البوليسية، حول شخصية غامضة ومقنعة يطلق عليها طوال الأحداث اسم الظل الأحمر، وهدفها الوحيد هو مهاجمة الملك زوسر بكل الطرق بما في ذلك الاستعانة بالأعداء التاريخيين للدولة الفرعونية ، الليبيين. وتظهر موهبة كريستيان جاك في نسج الصراع بين الملك زوسر وإمحوتب من ناحية ، وهذا الظل الأحمر من ناحية أخري، ليبدو كصراع أسطوري خارق بين قوي الخير وقوي الشر ، ويرسم الكاتب في هذا الصراع قصة صعود إمحوتب من مجرد صانع أوني فخارية ، ليصبح بفضل موهبته وقدراته السحرية المستشار الأول للملك وتذكرة دخوله إلي دار الخلود، عن طريق بنائه لأول هرم في الحضارة الفرعونية ، "ذلك البناء المدرج الذي يربط بين الأرض والسماء". و من خلال تصويره للملك زوسر يرسم المؤلف صورة الملك العادل والحكيم رغم صغر سنه الذي استطاع إقناع مجلس الكهنة بقبوله كفرعون للبلاد ،وإذا كان نجح علي مدار أحداث الرواية في التصدي لهجمات الظل الأحمر ، فإن زوسر، مؤسس الأسرة الثالثة ، قد نجح في منح شعبه، وفقا لكتب التاريخ ، فترة من الإزدهار والرخاء دامت علي مدي ال29 سنة التي حكم فيها البلاد. وتكمن روعة هذه الرواية، والتي تصدرت منذ صدورها قائمة الروايات الأكثر مبيعا في فرنسا كعادة روايات كريستيان جاك، في أجواء الأساطير الفرعونية التي تحمل إليها القارئ دون التخلي عن الدقة التاريخية في تناول هذه الفترة الشديدة الثراء من الحضارة المصرية القديمة.